تقرير: التنافس الإقليمي سبب تجدد تمرد ”23 مارس” في الكونغو الديمقراطية
ذكر تقرير مشترك لمعهد "إيبوتيلي" الكونغولي للدراسات السياسية و"مجموعة الدراسات حول الكونغو" أن الدوافع الكامنة وراء تجدد تمرد حركة "23 مارس" في مقاطعة "كيفو الشمالية" بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ترجع في الأساس إلى أسباب خارجية تتعلق بالتنافس الإقليمي ، خلافا لما تدعيه رواندا بشأن الدوافع الداخلية لاسيما الاضطهاد والتمييز العرقي.
وأشار التقرير - الذي نشر اليوم على الموقع الإلكتروني لمعهد "إيبوتيلي" تحت عنوان "عودة حركة 23 مارس: المنافسات الإقليمية وسياسة المانحين وعرقلة عملية السلام" - إلى أن أهم عامل في تجدد تمرد حركة "23 مارس" كان سببه في الأساس العلاقات المتوترة بين حكومتي أوغندا ورواندا.
كما أن توطيد العلاقات بين كينشاسا وكامبالا على الجانب الآخر - حيث أقامت الكونغو الديمقراطية وأوغندا شراكات اقتصادية وأمنية عام 2021 - أسهم في شعور كيجالي بالتهميش في المنطقة وتهديد مصالحها وكان هذا الشعور، وفقا للتقرير، أحد الدوافع الرئيسية لدعم رواندا لحركة "23 مارس" وعودة ظهور الحركة في نوفمبر عام 2021 وذلك خلافا لروايات الحكومة الرواندية وحركة 23 مارس التي تزعم أن التمرد ظهر ردا على دعم الحكومة الكونغولية لمليشيات عرقية الهوتو "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" والعنف والتمييز ضد عرقية "التوتسي".
وأشار التقرير إلى أنه لم يمكن هناك دليل يُذكر على تصاعد العنف ضد عرقية "التوتسي" في مقاطعة "كيفو الشمالية" قبل عودة حركة 23 مارس للظهور من جديد، مؤكدا أن عودة الحركة أدت إلى تعزيز هذه التوترات العرقية والتمييز أكثر من منعها.
ولفت إلى أن ضعف الدولة الكونغولية أدى إلى تفاقم هذه الأزمة؛ ففي مواجهة الضغوط العسكرية من حركة "23 مارس" والجيش الرواندي؛ لم تتمكن القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية من التغلب على هذا الوضع، ولجأت الحكومة الكونغولية إلى شركات خاصة وتعاونت مع جماعات مسلحة أجنبية ومحلية من أجل التصدي للحركة، مشيرا إلى أن هذه الجماعات مثلها مثل حركة 23 مارس - تجند مقاتلين في صفوفها بشكل أساسي على أساس عرقي؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم التوترات محليا وإقليميا.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، وفي ما يتعلق بالمبادرات الإقليمية لإرساء السلام في شرق الكونغو الديمقراطية، يرى التقرير أن عملية "نيروبي" واجهت تناقضا جوهريا بين مصالح الدول المشاركة في هذه العملية. بينما توصلت عملية "لواندا"، برعاية الاتحاد الأفريقي، مؤخرا إلى وقف لإطلاق النار؛ إلا أنها لم تحرز تقدما يذكر نحو التوصل إلى حل دائم للأزمة حتى الآن.
وعلى الرغم من أن الحكومة الكونغولية قد اقترحت مؤخرا خطة لتفكيك مليشيات "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" كجزء من عملية "لواندا"، وهو أمر ضروري؛ فإن هذا المقترح ربما لن يكون كافيا لإنهاء هذه الأزمة، بحسب التقرير.
وفي ما يخص توقيع عقوبات على رواندا لوقف دعمها لحركة "23 مارس"، تطرق تقرير معهد "إيبوتيلي" الكونغولي للدراسات السياسية و"مجموعة الدراسات حول الكونغو" إلى أنه حتى مع انتهاء الأمر بجميع المانحين الأساسيين إلى إدانة رواندا لدعمها حركة 23 مارس؛ فإن وضع كيجالي على الساحة الدولية لم يتأثر إلا قليلا؛ وحتى الآن لم تتعرض لفرض أي عقوبات مادية، مشيرا إلى أن السبب في هذا التساهل إزاء فرض عقوبات على رواندا يتمثل في قوتها العسكرية التي سمحت لها بأن تصبح حليفا مهما للغرب ولاعبا رئيسيا في منظومة الأمم المتحدة في أفريقيا.
ويرى التقرير أنه بالنظر إلى الدور الذي تلعبه رواندا في هذه الأزمة (بشرق الكونغو الديمقراطية)؛ فإن زيادة الضغوط، وخاصة المالية، تعد الخطوة الأولى الأكثر وضوحا لعلاجها. أما على الجانب الكونغولي، فيتحتم، بصورة خاصة، إصلاح قطاع الأمن وتحويل القوات المسلحة الكونغولية إلى مؤسسة خدمة عامة حقيقية.
ومنذ نوفمبر عام 2021، عاد متمردو حركة 23 مارس إلى الظهور مجددا. وبدعم من رواندا، باتوا يحتلون حاليا مساحات شاسعة من مقاطعة كيفو الشمالية بشرق الكونغو الديمقراطية وتسببوا في تشريد أكثر من 1.7 مليون شخص.
جدير بالذكر أن معهد "إيبوتيلي" هو معهد أبحاث كونغولي متخصص في الشئون المتعلقة بالسياسة والحوكمة والعنف ويتخذ من جمهورية الكونغو الديمقراطية مقرا له ولديه مقار في كينشاسا (العاصمة) وجوما (بمقاطعة كيفو الشمالية). ويعمل المعهد مع "مجموعة الدراسات حول الكونغو"، التي تأسست عام 2015 بهدف تعزيز إصدار الأبحاث الدقيقة والمستقلة حول العنف الذي يؤثر على ملايين الكونغوليين.