اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران وسط تعهدات أذربيجانية بالحياد وتداعيات إقليمية مقلقة

إيران
إيران

تشهد المنطقة تصعيداً خطيراً بين إيران وإسرائيل، بعد أن شنت الأخيرة هجمات جوية موسعة على منشآت إيرانية، استهدفت خصوصاً مواقع نووية في أصفهان ونطنز، وأودت – بحسب الرواية الإسرائيلية – بحياة 9 من كبار العلماء النوويين الإيرانيين.
هذا التصعيد المفاجئ والمتزامن مع تحركات دبلوماسية حساسة، يُنذر بانفجار أمني وسياسي قد يتجاوز حدود الدولتين، ليشمل أطرافاً إقليمية ودولية متعددة.


في خضم هذا التصعيد، سارع وزير الخارجية الأذربيجاني، جيحون بيراموف، إلى إجراء اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني، عباس عراقجي، أكد فيه أن بلاده لن تسمح باستخدام أراضيها أو مجالها الجوي لتنفيذ أي هجوم ضد إيران، في رسالة واضحة تهدف إلى تحييد أذربيجان عن أي دور في النزاع، خصوصاً في ظل العلاقات المعقدة التي تربطها بكل من إسرائيل وإيران. بيراموف لم يكتفِ بالحياد، بل قدّم تعازيه وتعاطف حكومته مع طهران في ضحايا الهجمات، ما يعكس حرصاً دبلوماسياً على تهدئة مخاوف الجار الجنوبي.
في المقابل، عبّر وزير الخارجية الإيراني عن موقف صارم، واصفاً الضربات الإسرائيلية بأنها تمثل خرقاً سافراً للسيادة الإيرانية وانتهاكاً للقانون الدولي، مؤكداً أن طهران تحتفظ بحقها في الرد بما يتناسب مع هذا "العدوان". عراقجي شدد كذلك على أن الاعتداء تجاوز كل الخطوط الحمراء، خاصة مع استهداف منشآت نووية يُفترض أنها تحت رقابة دولية، داعياً المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الأعمال.
المعلومات التي سربها مسؤول عسكري إسرائيلي لـ"رويترز" تزيد المشهد تعقيداً، إذ تحدث عن تنفيذ الجيش الإسرائيلي لأكثر من 150 ضربة منذ فجر الجمعة، مدعياً أن المسار الجوي نحو طهران بات مفتوحاً، وهو ما يشير إلى تطور نوعي في القدرات الهجومية الإسرائيلية، كما يعكس تحدياً مباشراً للقدرات الدفاعية الإيرانية.

البُعد الدبلوماسي والسياسي للأزمة

اللافت أن الهجمات وقعت في توقيت دقيق يتقاطع مع مفاوضات نووية حساسة بين إيران والولايات المتحدة، كانت مقررة في عُمان بين وفد إيراني ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ستيف ويتكوف. الضربة الإسرائيلية ربما تهدف إلى تخريب هذه المفاوضات أو فرض شروط تفاوضية جديدة عبر استعراض القوة، خصوصاً مع تصاعد الضغوط الأوروبية على إيران بشأن ما وصفته بـ"تصرفات نووية غير مسؤولة".
في هذا السياق، يبدو أن إسرائيل لا تتحرك بدعم أميركي مباشر، بل وفق قراءة استخباراتية ترى في اللحظة الراهنة فرصة مثالية لتوجيه ضربة مؤثرة تُضعف البرنامج النووي الإيراني وتعيد رسم معادلات الردع.

السيناريوهات المستقبلية

الرد الإيراني المحتمل سيحدد مآل الأزمة، فإيران تُلوّح بالرد الحازم لكن دون كشف تفاصيل، ما يفتح المجال لاحتمالات عديدة، تبدأ من هجمات بالوكالة عبر حلفائها الإقليميين، وقد تصل إلى رد مباشر قد يشعل حرباً إقليمية محدودة أو حتى شاملة.
أما التزام أذربيجان الحياد فله دلالات مهمة في الصراع الجيوسياسي، حيث تسعى باكو لتفادي الانجرار إلى صدام بين قوتين إقليميتين، خاصة أن أي تورط – ولو غير مباشر – قد يضعها في قلب صراع لا تريده، رغم علاقاتها الوثيقة بإسرائيل في ملفات الطاقة والدفاع.
ما يجري ليس مجرد مواجهة عسكرية عابرة، بل هو صراع إرادات واستراتيجيات طويلة الأمد، تنعكس فيه الحسابات النووية والأمنية والدبلوماسية بشكل متشابك. الموقف الأذربيجاني المطمئن لإيران قد يكون مؤقتاً، بينما تظل المنطقة بأسرها على حافة تصعيد قد لا تُحمد عقباه، ما لم يتحرك المجتمع الدولي سريعاً لاحتواء تداعياته.