اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
غارات أمريكية تستهدف مديرية خب الشعف بمحافظة الجوف حرائق إسرائيل تلتهم 24 ألف دونم وتشعل عديد الخلافات الداخلية من ”ضربة قاصمة” إلى محرقة مستمرة.. خطاب الحرب الإسرائيلي يتقاطع مع جرائم غزة سوريا على صفيح ساخن.. تهدئة حذرة في ريف دمشق وسط تصاعد الهجمات والغليان الطائفي 100 يوم في البيت الأبيض.. ما الذي تحقق من وعود ترامب وتعهداته الانتخابية؟ إسرائيل تحترق.. بين ألسنة اللهب ومأزق الدولة الأردن بين تقليص الدعم الأميركي وتثبيت الشراكة الاستراتيجية.. قراءة في تفاصيل الأزمة واستجابات الأطراف الملاحقات القضائية وشبح الانتقام السياسي تطارد رؤساء كوريا الجنوبية السابقين الصين تؤكد دعمها لإيران قبيل جولة مفاوضات نووية جديدة مع واشنطن في روما زيارة الرئيس جوزيف عون إلى أبوظبي.. انفتاح لبناني على الدعم الإماراتي في ظل أزمة متعددة الأوجه 165 قتيلا بهجمات لـ«الدعم السريع» على دارفور في 10 أيام.. والأمم المتحدة: «الوضع كارثي» غرب السودان غزة في مهب الجوع والنار.. أزمة إنسانية متفاقمة وسط تعنت إسرائيلي وتضاؤل الإغاثة

نظام الملك الطوسي.. من فقر القرية إلى عرش الوزارة لمدة ٣٠ عام

الوزير نظام الملك الطوسي
الوزير نظام الملك الطوسي

تاج الحضرتين" و"رضي أمير المؤمنين"، ألقابٌ نالها نظام الملكُ الطوسي، تقديرًا لجهودِهِ في نهضةِ الحضارةِ الإسلاميةِ وتعزيزِ العلاقاتِ بينَ السلاجقةِ والعباسيينَ.

لم تكن إنجازاتُهُ مقتصرةً على الإدارةِ والسياسةِ، بل كانَ عالمًا موسوعيًا وأديبًا بارزًا، أسّسَ الجامعةَ النظاميةَ التي أصبحتْ منارةً للعلمِ والمعرفةِ في العالمِ الإسلاميِ.

واجهَ نظام الملكُ أعداءً كثيرين، لكنّهُ لم يترددْ في مواجهتهمِ بحكمةٍ وعزيمةٍ، حتى لقيَ حتفهُ على يدِ أحدِهمْ في نهايةٍ مأساويةٍ.

لكنّ إرثَهُ بقيَ خالدًا، رمزًا للعدلِ والحكمةِ في زمنِ الفتنِ والصراعاتِ.
في هذا البروفايل، نستعرضُ سيرةَ نظام الملك الطوسي ونُسلّطُ الضوءَ على إنجازاتِهِ و إسهاماتِهِ في نهضةِ الحضارةِ الإسلاميةِ.

من الفقر إلى الوزارة!

وُلد أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي في إحدى القرى التابعة لولاية طوس أو مدينة مشهد الرضا في أقصى الشرق الإيراني اليوم قرب الحدود مع تركمانستان، في عام 408هـ/1017م، وكان والده يعمل دهقانا أي زعيما لمدينة بيهق التابعة لطوس زمن سيطرة الغزنويين على تلك المناطق، أي إن والده كان من رجالات الإدارة الغزنوية في مراتبها المتوسطة، على أن دخله ومرتبه الشهري من تلك الوظيفة لم يكن يكفي حاجته وحاجة أبنائه، ومنهم نظام الملك.

كان السلاجقة حينذاك في طور الصعود السياسي الكبير، واستطاعوا بالفعل حكم مناطق بلاد ما وراء النهر، وشيئا فشيئا كانوا يتوسّعون على حساب الغزنويين في مناطق خراسان وهي مناطق أفغانستان وتركمانستان وشرق إيران اليوم، واستطاع الحسن الطوسي أن يتصل بخدمة السلاجقة، ولفتت مهاراته وعلمه وذكاؤه الوزير أبا علي بن شاذان وزير الأمير ألب أرسلان، فأصبح الطوسي على اتصال وثيق بأمراء السلاجقة، ثم سرعان ما ارتقى من مجرد مساعد للوزير إلى كاتب للأمير ألب أرسلان السلجوقي قبل أن يرتقي إلى منصب السلطنة بعد وفاة ابن شاذان.

حين ارتقى ألب أرسلان السلطان السلجوقي الأشهر، وصاحب انتصار معركة "ملاذكرد" الخالدة، قرر أن يجعل كاتبه أبا علي الطوسي وزيرا للدولة السلجوقية سنة 455هـ، وتلك كانت اللحظة الفارقة في حياة الوزير؛ الذي عاش فقيرا، وأوصله طموحه واجتهاده وتحصيله للعلوم وفوق ذلك ذكاؤه إلى منصب الرجل الثاني في أعظم دولة حكمت العالم الإسلامي في عالم العصر الوسيط، ذلك المنصب الذي سيؤهله ليكون بدوره أعظم سياسي عرفه ذلك الزمان كما يقرر المؤرخ حسين غلام.

إدارة نظام الملك

ثلاثون عاما قضاها نظام الملك في الوزارة، حتى لُقّب بـ"تاج الحضرتين" لأنه وزرَ لسلطانين هما ألب أرسلان (455- 465هـ)، وملكشاه (465- 485هـ)، ومنحه الخليفة العباسي لقب "رضي أمير المؤمنين" وهو اللقب الذي لم يمنحوه لأحد قبله ولا بعده؛ لبراعته وتقريبه وجهات النظر بين السلاجقة والعباسيين، وكان فوق ذلك يُسهم في تدبير شؤون الديوان والولاية، ويقوم على تنظيم العساكر وتعبئة الجيوش، حتى إنه في الحروب كان يُقاتل في طليعة الجيش جنبا إلى جنب مع أبنائه وغلمانه وبقية عساكر الجيوش السلجوقية.

انتقام حتى الموت

وبسبب هذا النجاح الباهر، وهذه العقلية المبدعة التي جمعت بين مهارة الإدارة، وغزارة العلم، والإلمام بالتحديات، والتقرب من الرعية وإقامة العدل، فقد قرر الباطنية الإسماعيلية الانتقام من هذا الوزير الذي بدد جهودهم وأحلامهم، فخرج إليه رجل منهم على زي صوفي فقير يُعطيه مظلمته ليكشفها، فاقترب منه النظام لكن الباطني غدر به، وسدد طعنة نافذة إلى قلبه، فسقط ميتا من فوره، وذلك في العاشر من شهر رمضان سنة 485هـ/1092م بالقرب من مدينة نهاوند بإقليم فارس، وقد حُمل جثمانه ووُورِي الثرى في مدينة أصفهان، ودُفن في الجامعة النظامية التي أنشأها في تلك المدينة، وهو في السابعة والسبعين من عمره وكانت آخر كلمة قالها: "لا تقتلوا قاتلي فإني عفوت، لا إله إلا الله".