ثورة في تشخيص أمراض الجهاز الهضمي تحدثها كبسولة ذكية بحجم صغير

هناك مثل عربي يقول "المعدة بيت الداء" يشير إلى أن معظم الأمراض التي قد تصيب الإنسان يكون منبتها المعدة سواء سوء التغذية أو التخمة أو تناول ما لا يتناسب مع الجسم من مأكولات أو مشروبات.. لذلك يعظم الاهتمام بالمعدة على وجه الخصوص وبالجهاز الهضمي بشكل عام.
وفي هذا الإطار طوّر فريق بحثي من معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتيك) في الولايات المتحدة كبسولة إلكترونية ذكية، فائقة الصغر، تتيح قياس مجموعة واسعة من المؤشرات الحيوية داخل الجهاز الهضمي في الوقت الحقيقي، ما يمثل نقلة نوعية في تشخيص الأمراض المعوية المزمنة والدقيقة. وقد نُشرت تفاصيل الابتكار في دورية Nature Electronics العلمية يوم الجمعة.
الكبسولة تتيح تشخيصاً مباشراً دون تدخل جراحي
بحسب الباحثين، تتيح الكبسولة لأول مرة إجراء تحليلات كيميائية داخل القناة الهضمية دون الحاجة إلى تدخل جراحي أو إجراءات تقليدية مرهقة مثل تحليل البراز أو أخذ خزعات نسيجية، والتي غالباً ما تكون غير دقيقة أو مؤلمة، ولا توفّر بيانات لحظية عن النشاط الحيوي داخل الأمعاء.
بيئة الأمعاء.. مفتاح لفهم الأمراض
لم تعد وظيفة الأمعاء تقتصر على الهضم فقط، بل تلعب دوراً محورياً في تنظيم المناعة، وإنتاج الهرمونات، وحتى التأثير على الصحة النفسية. وتعد القدرة على تتبّع المؤشرات الحيوية داخل هذا الجزء من الجسم أداة واعدة لاكتشاف حالات مثل التهابات الأمعاء المزمنة، والسكري، ومتلازمة القولون العصبي، وبعض أنواع السرطان في مراحلها المبكرة.
"PillTrek" .. أصغر وأدق من الكبسولات التقليدية بقطر 7 مليمترات
الكبسولة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم PillTrek، لا يتجاوز قطرها 7 ملليمترات وطولها 25 ملليمتراً، ما يجعلها أصغر حجماً من كبسولات التنظير التقليدية. لكنها تتفوق من حيث قدرتها على قياس بيانات دقيقة داخل الأمعاء، مثل درجة الحموضة، ودرجة الحرارة، ومستويات الجلوكوز، وحتى النواقل العصبية مثل السيروتونين.
الكبسولة تمتاز بمرونة في القياس وتكلفة أقل
تمتاز الكبسولة بإمكانية إعادة تهيئة مستشعراتها لتناسب متطلبات طبية مختلفة، معتمدة في تصنيعها على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي تسهم في تقليل التكلفة وتسريع الإنتاج، مما يفتح المجال أمام استخدام واسع النطاق في المؤسسات الطبية.
التجارب تظهر نتائج واعدة في النماذج الحيوانية
أظهرت التجارب التي أُجريت على نماذج حيوانية قدرة الكبسولة على تتبع التغيرات الحيوية بدقة، بما في ذلك قياس مستويات الغلوكوز والسيروتونين ودرجات الحرارة والحموضة داخل الجهاز الهضمي.
الفريق البحثي: الكبسولة تمثل منصة استشعار متعددة الوظائف
يرى الفريق البحثي أن هذه الكبسولة تمثل منصة استشعار مرنة ومتطورة يمكن أن تُطوَّر مستقبلاً لقياس المزيد من المؤشرات، بما في ذلك الأيونات، والهرمونات، وربما البروتينات، ما قد يمكّن الأطباء من تشخيص ومتابعة حالات معقدة بدقة غير مسبوقة، ويسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية واتخاذ قرارات علاجية أكثر فاعلية