اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

قمة بروكسل الحاسمة.. هل ينجح الاتحاد الأوروبي في تفادي حرب تجارية مع ترامب؟

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

تواجه العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منعطفاً حرجاً في ظل التهديدات المتبادلة بفرض رسوم جمركية قد تعيد رسم ملامح التبادل الاقتصادي بين الطرفين. مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 9 يوليو، يتعين على زعماء الاتحاد اتخاذ قرار مصيري: إما القبول باتفاق سريع يمنح واشنطن بعض الأفضلية، أو المضي نحو تصعيد تجاري محفوف بالمخاطر.

أزمة قديمة تتجدد


بدأت ملامح الأزمة بالتشكل بعد إعلان ترامب عزمه فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على واردات من الاتحاد الأوروبي، تشمل قطاعات استراتيجية مثل الصلب والألمنيوم والسيارات وقطع الغيار، إلى جانب رسوم حالية بنسبة 10% على سلع متنوعة. ورغم تأجيل التنفيذ بغرض إعطاء فرصة للمفاوضات، فإن واشنطن لم تتخل عن التهديد، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى التفكير بخطوات انتقامية تشمل فرض رسوم على منتجات أميركية مثل طائرات "بوينج" وسلع بقيمة 21 مليار يورو.


أولويات أوروبية: تفادي التصعيد وتفكيك التوازن المختل


في اجتماعهم ببروكسل، يُنتظر من قادة الاتحاد الأوروبي أن يوجّهوا المفوضية الأوروبية – وهي الجهة المسؤولة عن التفاوض نيابة عن الدول الأعضاء – بشأن الرد على الضغوط الأميركية. ووفقاً لتصريحات دبلوماسيين ومسؤولين، فإن أغلبية الدول الأعضاء تميل إلى إبرام اتفاق سريع، شرط ألا يكرّس تفوقاً تجارياً دائماً للولايات المتحدة.


وفيما تبدو المعادلة صعبة، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تصحيح ما يعتبره "أفضلية غير مرغوبة" لصالح واشنطن، سواء عبر الرسوم الجمركية أو أدوات اقتصادية أخرى، من بينها فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، ومعالجة الفائض التجاري الأميركي في قطاع الخدمات.


ما وراء الأرقام: حسابات السياسة والاستقرار


التحرك الأوروبي يأتي في وقت حساس، إذ يتقاطع مع قمة لحلف شمال الأطلسي في لاهاي، شارك فيها قادة أوروبيون، مما عزز دعوات التهدئة وتفادي الانزلاق إلى حرب تجارية قد تضر بالتضامن الغربي وسط أزمات عالمية متعددة. لكن على الرغم من رغبة التهدئة، فإن بعض الدول الأوروبية، خصوصاً التي تملك فائضاً تجارياً واضحاً مع الولايات المتحدة، تضغط باتجاه رد أكثر صرامة.

حتى اللحظة، لا توجد رؤية موحدة داخل الاتحاد بشأن فرض الرسوم المضادة، رغم الاتفاق المبدئي على القيمة المحتملة لها. كما تجري مناقشة حزمة بديلة تصل إلى 95 مليار دولار كإجراء ردعي أكبر، لكن الانقسام داخل التكتل – بين الدول الداعية للتصعيد وتلك التي تفضل الدبلوماسية – يعقّد المهمة.


لحظة مفصلية في علاقات اقتصادية عالمية


تعكس هذه الأزمة مدى هشاشة العلاقات الاقتصادية حتى بين الحلفاء التقليديين. فالاتحاد الأوروبي يواجه معضلة الحفاظ على مصالحه الاقتصادية دون تقويض التحالف السياسي مع الولايات المتحدة، فيما تراهن واشنطن على الضغط الاقتصادي لانتزاع تنازلات. وفي كلا الاتجاهين، فإن ما سيُقرَّر قبل 9 يوليو سيكون له أثر طويل المدى على مستقبل النظام التجاري الغربي.