اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

عقيدة ترامب في مواجهة إيران.. القوة أولاً والدبلوماسية لاحقاً

إيران
إيران

في سابقة نوعية، تجاوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهجه المتحفظ عادةً تجاه التدخلات العسكرية، وأصدر أمراً مباشرًا بقصف مواقع نووية إيرانية باستخدام قاذفات الشبح "B-2"، وذلك في تصعيد بالغ الخطورة أدخل الولايات المتحدة في قلب صراع إقليمي شديد الحساسية بين إسرائيل وإيران. هذا القرار كشف عن ملامح سياسة خارجية جديدة يُشار إليها باسم "عقيدة ترامب"، وهو توصيف أطلقه نائبه جيه دي فانس، والذي حدد عناصرها بثلاثة محاور: حماية المصلحة الأميركية، السعي لحلول دبلوماسية أولاً، وإذا فشلت، استخدام القوة الساحقة والخروج سريعاً لتجنب الحروب طويلة الأمد.


جاءت الضربة الجوية الأميركية كرد فعل على تصريح المرشد الإيراني علي خامنئي الرافض للتخلي عن تخصيب اليورانيوم، وهو ما فسّره ترامب كتهديد مباشر، فاختار التدخل العسكري أولاً، ثم سرعان ما أعلن وقف إطلاق نار صمد بشكل عام، في خطوة بدت للبعض محسوبة، وللآخرين متسرعة.
البيت الأبيض بدوره، حاول تأطير هذا التحول المفاجئ ضمن رؤية منسجمة مع شعار "السلام من خلال القوة"، حيث قالت المتحدثة آنا كيلي إن ترامب ونائبه يشكلان "فريقاً مثالياً" في هذا السياق، إلا أن هذا التفسير لم يُقنع الكثير من المراقبين. الباحث آرون ديفيد ميلر من "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي" استبعد وجود عقيدة منظمة لترامب، معتبراً أن قراراته غالباً ما تنبع من "الحدس والمزاج"، لا من رؤية استراتيجية متماسكة.


استئناف المفاوضات النووية


ترامب أعاد التأكيد، بعد القصف، على عدم سماحه لإيران بامتلاك سلاح نووي، وأعلن عن استئناف المفاوضات معها في الأسبوع التالي. إلا أن الطابع العسكري لهذا التحرك فتح الباب لانتقادات واسعة من داخل الأوساط الجمهورية ذات التوجه الانعزالي، وهي نفس القاعدة التي أوصلت ترامب إلى الرئاسة عبر وعوده بإنهاء الحروب الخارجية "العبثية" – من العراق إلى أفغانستان – وقطع التورط الأميركي في صراعات لا تنتهي.
نائب الرئيس فانس، المعروف بميله للانعزال السياسي، وجد نفسه مضطراً لتبرير التحرك العسكري أمام هذا التيار، مؤطراً الأمر باعتباره عملاً محدوداً يهدف لردع لا لإشعال صراع ممتد. وفي المقابل، انتقد رموز بارزون من القاعدة المحافظة الخطوة، مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون، واعتبروها تناقضاً صارخاً مع الوعود الانتخابية.
القلق الشعبي لم يتأخر في الظهور، حيث أظهر استطلاع أجرته "رويترز-إبسوس" أن 79% من الأميركيين يخشون من أعمال انتقامية إيرانية تستهدف مدنيين أميركيين، ما يعكس المزاج الشعبي المتوجس من التصعيد.

عقيدة جديدة


المحللون منقسمون بين من يرى في الخطوة بداية بلورة لعقيدة جديدة تستند إلى الردع الحاسم، ومن يعتبرها مجرد تصرف انعكاسي بلا إطار استراتيجي واضح. الباحثة ميلاني سيسون من معهد "بروكينجز" اعتبرت أن إدارة ترامب تسعى لتسويق هذا النهج دون أن تكون لديها نية حقيقية لخوض حرب، فيما رأت ريبيكا ليسنر من "مجلس العلاقات الخارجية" أنه من المبكر الحكم على نجاح أو فشل هذه المقاربة، مؤكدة على ضرورة انتظار ما ستؤول إليه مفاوضات ما بعد القصف، خصوصاً فيما يتعلق بمستقبل البرنامج النووي الإيراني.
في المقابل، يرى البعض، مثل كليفورد ماي من "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، أن ما حدث يصلح لأن يكون نموذجاً ناجحاً لاستخدام القوة بفاعلية من دون الانزلاق في مستنقع إقليمي جديد.