إيران تُحبط عملية استخباراتية كبرى.. مسيّرات انتحارية وعميل للموساد غرب طهران

في سياق متصاعد من التوترات بين إيران وإسرائيل، أعلنت السلطات الإيرانية ضبط شاحنة صغيرة غرب طهران محمّلة بعدد كبير من الطائرات المسيرة الانتحارية، وأكدت اعتقال عميل يشتبه في انتمائه لجهاز «الموساد» الإسرائيلي. هذا التطور يعكس تعمق الأزمة الاستخباراتية بين الطرفين، ويفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى تغلغل إسرائيل في الداخل الإيراني، خصوصًا في ظل التصعيد الإقليمي الذي اندلع عقب هجوم 13 يونيو.
الحدث لم يكن معزولًا، بل جاء بعد إعلان جهاز استخبارات «الحرس الثوري» قبل أيام عن اعتقال 16 شخصًا وُصفوا بأنهم «عملاء لإسرائيل» في محافظة لرستان غربي البلاد. وأفادت العلاقات العامة للحرس الثوري أن هؤلاء حاولوا "إضعاف التضامن الوطني عبر أنشطة في الفضاء الإلكتروني"، في إشارة إلى استغلالهم منصات التواصل الاجتماعي لنشر معلومات أو التأثير في الرأي العام.
التصعيد الإيراني لم يتوقف عند حد الاعتقالات، بل شهد تطورًا لافتًا بالإعدامات. ففي يوم الإثنين، نفذت السلطات حكم الإعدام بحق محمد أمين شايسته، الذي اتهم بقيادة شبكة تجسس إلكترونية لصالح الموساد.
ووفقًا لوكالة «تسنيم»، فإن شايسته كان "زعيم فريق أمن إلكتروني متعاون مع الموساد"، نشط في إدارة حملات على وسائل التواصل تحت إشراف مباشر من ضباط استخبارات إسرائيليين، وبالتنسيق مع "وسائل إعلام معادية" بحسب وصف القضاء الإيراني.
إعدام جاسوس يعمل لصالح إسرائيل
وفي تطور متزامن، تم أمس أيضًا تنفيذ حكم الإعدام بحق مجيد مسيبي، بعد إدانته بالتجسس لصالح الموساد. وقد صادقت المحكمة العليا الإيرانية على الحكم، ما يدل على أن القرار لم يكن إجراءً طارئًا أو سياسياً محضاً، بل جاء في إطار ما تعتبره إيران إجراءات قانونية مكتملة.
هذه التطورات تعكس تحولاً نوعياً في سياسة إيران الداخلية تجاه ما تعتبره اختراقات إسرائيلية لأمنها السيبراني والبشري. فبعد سنوات من التركيز على المواجهات الميدانية غير المباشرة في سوريا ولبنان والعراق، تنتقل إيران اليوم إلى مواجهة مفتوحة مع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، داخل حدودها.
ويأتي هذا التصعيد بعد الهجوم الإسرائيلي المباشر على موقع فوردو النووي في 13 يونيو، والذي يُعتقد أنه ألحق أضراراً كبيرة بأجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، مما وضع إيران في موقف دفاعي أمني داخلي، دفعها إلى تكثيف عمليات الملاحقة والردع داخلياً، سواء بالاعتقالات أو بالإعدامات.
حرب استخباراتية باردة
هذا المشهد يوحي بحرب استخباراتية باردة آخذة في التمدد، لكنها لم تعد تعتمد فقط على التجسس الكلاسيكي، بل انتقلت إلى ساحة العالم الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث تُخاض المعارك عبر المعلومات والصور والرموز، بقدر ما تُخاض في الميدان عبر الطائرات المسيّرة والانفجارات الغامضة.
وتثير هذه التحركات المتبادلة تساؤلات استراتيجية عن مدى قدرة إيران على السيطرة الأمنية الداخلية وسط تصاعد الهجمات السيبرانية والاستخباراتية، كما تفتح الباب أمام احتمالات ردود فعل إسرائيلية إضافية قد تستهدف عمق البنية الاستخباراتية الإيرانية، أو تحاول زرع الفوضى في الداخل عبر أدوات غير تقليدية.
في النهاية، ما يجري هو فصل جديد من حرب الظلال بين إيران وإسرائيل، ولكن هذه المرة مع تصعيد واضح في حجم الخسائر، سواء على مستوى الأفراد أو البنية التحتية الأمنية.