اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

فوردو تحت القصف.. إسرائيل تهاجم المنشأة النووية الإيرانية

إيران
إيران

في تصعيدٍ خطير يعكس هشاشة الاستقرار الإقليمي، تعرضت منشأة "فوردو" النووية الإيرانية لهجومين متتاليين في أقل من 48 ساعة؛ الأول أميركي والثاني إسرائيلي، ما أعاد النقاش حول الخطوط الحمراء في المواجهة غير المعلنة بين إيران ومحور واشنطن - تل أبيب إلى الواجهة، وأثار قلقًا دوليًا بشأن سلامة المنشآت النووية الإيرانية وأمن السكان القريبين منها.

الرواية الإيرانية مقابل الغربية
أكد المتحدث باسم مركز إدارة الأزمات في قم الإيرانية أن الهجوم الإسرائيلي الذي أعقب الضربة الأميركية استهدف "طريق الوصول إلى المنشأة" وليس المنشأة ذاتها، في محاولة واضحة لطمأنة الرأي العام المحلي. لكنّ هذه التصريحات تتعارض جزئيًا مع ما كشفته وسائل إعلام إسرائيلية عن استهداف محيط "فوردو" ضمن سياسة الاستنزاف الدقيق دون التورط في ضربة مباشرة.
في المقابل، اعترف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، بأن الوكالة غير قادرة حاليًا على تحديد مدى الضرر الذي لحق بالمفاعلات النووية تحت الأرض في فوردو، لكنه أشار إلى "احتمال وقوع أضرار جسيمة" في البنية التحتية، لاسيما في أجهزة الطرد المركزي التي وصفها بأنها "شديدة الحساسية للاهتزاز".
أضرار بالغة دون تدمير شامل
الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن عبر منصته "تروث سوشيال" أن الضربات الأميركية ألحقت "أضرارًا جسيمة" بكل المواقع النووية الإيرانية، مشيرًا إلى أن "الضرر الأكبر وقع تحت الأرض بكثير"، في إشارة إلى استهداف منشآت سرية شديدة التحصين مثل فوردو.
وبينما أظهرت تقييمات أولية للجيشين الأميركي والإسرائيلي أن منشأة فوردو "لم تُدمّر بالكامل"، فإن بعض المسؤولين الأمنيين رجحوا أن تكون الضربة الأميركية قد عطّلت المنشأة مؤقتًا، مؤكدين أن 12 قنبلة خارقة للتحصينات لم تكن كافية لتدميرها بالكامل.
إحدى التقديرات الإسرائيلية كشفت أن إيران ربما نقلت اليورانيوم ومعدات حساسة من المنشأة قبل القصف، مما يعكس حالة تأهب مسبق واحتمال وجود اختراق استخباري.
احتواء إعلامي ونفي التلوث
من جانبها، سعت إيران إلى التقليل من خطورة ما جرى، فصرّح المسؤولون بعدم رصد أي "علامات تلوث إشعاعي" في منشآت "أصفهان" و"نطنز" و"فوردو"، مشيرين إلى أن الأضرار "محدودة". ويبدو أن طهران تتبنى في هذه المرحلة سياسة النفي المرحلي لاحتواء الصدمة محليًا، وتفادي منح خصومها السياسيين مبررًا لتصعيد أكبر.
منشأة رمزية وأصل نووي استراتيجي
أنشئت منشأة "فوردو" لتخصيب اليورانيوم في عمق جبل قرب مدينة قم، شمال طهران، لتكون واحدة من أكثر المواقع تحصينًا في برنامج إيران النووي. تم الكشف عنها في سبتمبر 2009، بعد تحقيق مشترك بين الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وهو ما فجر أزمة ثقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بسبب إخفاء الموقع عن رقابتها.
صُمّمت فوردو خصيصًا لتحمّل الهجمات العسكرية والاختراقات الجوية، وتمثل قلب المشروع النووي الإيراني من حيث التقنية والرمزية، إذ تضم أجهزة طرد مركزي من طرازات متطورة، وتعمل بنسبة تخصيب تصل في بعض الأحيان إلى 60%، ما يقترب من مستويات الاستخدام العسكري.
رسائل القصف وسيناريوهات الرد
القصف الأميركي – الإسرائيلي المزدوج لا يبدو أنه جاء بدافع تكتيكي محض، بل يحمل رسائل استراتيجية في توقيت بالغ الحساسية، بعد تصاعد التوترات في المنطقة، واستمرار برنامج إيران النووي بلا اتفاق نووي جديد.
تكمن خطورة الضربات الأخيرة في:
كسر حاجز الردع: إذ يعكس استهداف فوردو -وهي المنشأة الأكثر تحصينًا- رغبة واضحة في التأثير المباشر على قدرات إيران النووية.


اختبار رد الفعل الإيراني: حيث تراقب واشنطن وتل أبيب كيف سترد إيران، سواء عسكريًا أو عبر وكلائها الإقليميين.


تشويش على المفاوضات: إذا ما كانت هناك جهود خلف الستار لاستئناف المفاوضات، فإن هذا التصعيد قد يجهضها.