اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

مخاوف من توسع رقعة الحرب.. إسرائيل تشن غارات غير مسبوقة على طهران

وزير الدفاع الإسرائيلي
وزير الدفاع الإسرائيلي

في تصعيد غير مسبوق، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صباح اليوم الاثنين، أن الجيش الإسرائيلي يشن غارات مكثفة على أهداف داخل العاصمة الإيرانية طهران، واصفًا العمليات بأنها تجري "بكثافة غير مسبوقة". ويأتي هذا الإعلان في أعقاب سماع دوي انفجارات ضخمة في عدة مناطق من وسط وشمال العاصمة الإيرانية، ما أثار حالة من الذعر والقلق في الشارع الإيراني، خاصة مع ورود أنباء عن انقطاع التيار الكهربائي في حي إيفين شمال المدينة، إثر تعرض منشأة كهرباء محلية لقصف مباشر.

الضربات، التي يبدو أنها تستهدف مراكز عسكرية واستخباراتية حساسة، تؤشر على تحول نوعي في قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران، إذ يُعد استهداف العمق الإيراني - وتحديدًا العاصمة طهران - سابقة خطيرة في الصراع الإقليمي المتصاعد.
وأكد كاتس في تصريحاته أن "الضربات ستتواصل بأقصى قوة"، مشددًا على أن إسرائيل لن تتوقف حتى تحقيق جميع أهدافها الحربية، التي تتضمن، بحسب ما يُفهم من السياق، إضعاف البنية العسكرية الإيرانية ومنع أي تهديد مباشر للجبهة الداخلية الإسرائيلية.

غارات جوية مكثفة


من جهته، صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن "سلاح الجو الإسرائيلي ينفذ حاليًا سلسلة من الغارات الجوية ضد أهداف عسكرية منتقاة في العاصمة الإيرانية"، دون أن يحدد طبيعة تلك الأهداف أو ما إذا كانت تشمل منشآت نووية أو مراكز تابعة للحرس الثوري.


في المقابل، نقلت وكالة «نور نيوز»، التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أن الضربات الإسرائيلية طالت مواقع قرب الهلال الأحمر الإيراني، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت بعض الأهداف تنتمي إلى البنية المدنية أو الإنسانية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام اتهامات بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي.


ويبدو أن هذا التطور يأتي ردًا على سلسلة من التهديدات والهجمات المتبادلة بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة، وسط توترات متزايدة في الإقليم، وتدخلات إيرانية في ملفات متعددة تمتد من سوريا إلى العراق ولبنان، بالإضافة إلى دعم طهران لحركات المقاومة مثل حزب الله وحماس، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
تُعد هذه الضربات أول استهداف مباشر من هذا النوع للعمق الإيراني منذ عقود، ما قد يدفع طهران إلى ردود فعل انتقامية قد تشمل المنطقة بأسرها، خصوصًا عبر أذرعها المسلحة في لبنان والعراق واليمن، ما يعزز من مخاوف اندلاع حرب إقليمية شاملة.


إن الموقف الآن يقف على حافة هاوية، حيث ستكون خيارات الرد الإيراني عاملًا حاسمًا في رسم ملامح المرحلة القادمة، بين التصعيد المباشر أو الحرب بالوكالة، في ظل انقسام دولي بشأن الموقف من تصرفات إسرائيل ومدى شرعية تحركاتها العسكرية.


صواريخ «يوم القيامة» تواصل زحفها نحو إسرائيل


في تطور ميداني بالغ الخطورة، استهدفت دفعة جديدة من الصواريخ الإيرانية العمق الاستراتيجي الإسرائيلي، لتطال هذه المرة أهدافاً حيوية داخل مدينة أشدود الساحلية، وسط تكتم إعلامي إسرائيلي لافت. ووفقًا لمصادر ميدانية متقاطعة، فقد أصاب أحد الصواريخ الإيرانية موقعاً صناعياً حساساً في المدينة، ما أسفر عن خروج محطة الكهرباء في أشدود عن الخدمة بشكل كامل، وهو ما يشير إلى خلل بالغ في البنية التحتية الطاقية لإسرائيل على ساحل المتوسط.
الهجوم يأتي بعد ساعات من الضربة المدمرة التي طالت منشآت استراتيجية في خليج حيفا، والتي وُصفت إعلاميًا بـ"ضربة يوم القيامة" نظرًا لحجم الدمار الذي خلفته، لاسيما في المنشآت الكيميائية والمرافق الحيوية المحيطة بالميناء.
وتعزز هذه التطورات المخاوف من شلل تدريجي يصيب الموانئ الإسرائيلية الرئيسية، حيفا وأشدود، واللتين تشكلان عصب التجارة البحرية للدولة العبرية على البحر المتوسط، حيث يمر عبرهما ما يزيد على 90% من واردات إسرائيل البحرية. المساس بهذين الميناءين يمثل ضربة مزدوجة لاقتصاد الدولة ولوجستياتها العسكرية في حال اندلاع مواجهة ممتدة.
في السياق ذاته، أفادت مصادر محلية بأن صواريخ إيرانية أخرى وصلت قبل قليل إلى ضواحي تل أبيب، مستهدفة مناطق متعددة من بينها منطقة "شافليا"، حيث سُجلت ظاهرة انهيارات أرضية لم تُعرف أسبابها الدقيقة بعد، لكنها تتزامن مع الضربات، ما قد يشير إلى استهداف لبنية تحتية أو منشآت تحت الأرض.
وتحاول إسرائيل في هذه الأثناء فرض رقابة مشددة على وسائل الإعلام المحلية في تغطية نتائج الهجمات، بينما تتكثف الجهود العسكرية والدبلوماسية لاحتواء التصعيد، وسط مخاوف من تحوّل الضربات المحدودة إلى مواجهة إقليمية واسعة النطاق، خصوصًا في ظل صمت واشنطن وتريث الأطراف الإقليمية الكبرى.

تُظهر هذه الهجمات تحولًا نوعيًا في المعادلة العسكرية، حيث باتت إيران قادرة - على ما يبدو - على توجيه ضربات دقيقة إلى عمق البنية التحتية الإسرائيلية، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع، لا تعتمد فقط على الردع التقليدي بل على موازنة القدرة التدميرية والرمزية للضربات في العمق.

تحييد البرنامج النووي

في خطاب واضح النوايا، لمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن الهجمات لا تهدف فقط لتحييد البرنامج النووي، بل قد تمهّد الطريق لتغيير النظام في طهران، مما صعّد من حدة المخاوف لدى المراقبين من ردود فعل إيرانية غير محسوبة قد تقلب المنطقة رأسًا على عقب.


ورغم الشراكات الاستراتيجية التي تجمع طهران ببكين وموسكو، أشار خبراء في "بلومبرغ إيكونوميكس"، من بينهم آدم فارار ودينا إسفندياري، إلى أن أياً من القوتين لا تُعدّ حليفًا عسكريًا ملتزمًا. فروسيا منشغلة بحربها في أوكرانيا، وتخشى من تبعات الانخراط في صراع جديد، بينما تُفضل الصين المحافظة على علاقاتها التجارية مع الغرب، خصوصاً في ظل هشاشة الاقتصاد العالمي.

حتى عضوية إيران في تكتل "بريكس"، التي انضمت إليه مطلع عام 2024، لم تحصّنها سياسيًا أو عسكريًا. التكتل التزم الصمت إزاء الضربات، فيما صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الشراكة مع طهران لا تشمل تعاونًا عسكريًا، مؤكدًا أن إيران لم تطلب أصلاً أي تدخل مباشر.

زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو لم تُسفر عن أكثر من كلمات تعاطف دبلوماسية، وهو ما يكرّس التحول في موازين الدعم مقارنةً بما جرى في عام 2015 عندما دخلت موسكو بثقلها إلى جانب إيران في الحرب السورية. أما اليوم، فإيران تواجه خطر السقوط في عزلة خانقة، قد تضعف قدرتها على الصمود في حال تطور التصعيد إلى مواجهة شاملة.