غضب في الكونجرس الأمريكي ومطالب بعزل ترامب لحربه على إيران

فجّرت الضربة العسكرية الواسعة التي شنتها الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، بتوجيه مباشر من الرئيس دونالد ترامب، أزمة دستورية وسياسية داخلية عميقة، أعادت طرح الأسئلة حول حدود الصلاحيات التنفيذية للرئيس الأمريكي، وعكست مجددًا هشاشة الإجماع الوطني حول السياسة الخارجية، في عهدٍ كان يُفترض به أن يوحّد البلاد، وفقًا لما وعد به ترامب في حملته الانتخابية.
الحدث والرسالة
في إعلان فاجأ الداخل الأمريكي، كشف ترامب عن تنفيذ هجوم عسكري أمريكي استهدف ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران، مهددًا طهران بمزيد من التصعيد إذا لم "تختر طريق السلام". هذا التصريح التصعيدي أعقب تنفيذ هجوم جوي باستخدام قاذفات الشبح، وصفه مراقبون بأنه الأضخم منذ بداية عهده، وربما الأشد رمزية في استهداف البرنامج النووي الإيراني.
ترامب اعتبر العملية "رسالة واضحة" لإيران والعالم، مفادها أن الولايات المتحدة ستواجه أعداءها بقوة، وهو ما أيده رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، الذي رأى أن هذه الضربة تُجسد الجدية الأمريكية في فرض الردع.
الكونغرس ينفجر غضبًا تجاوز دستوري؟
على الجانب الآخر، قوبلت الضربة برفض واسع داخل الكونغرس، خصوصًا من الديمقراطيين الذين اعتبروا أن الرئيس تجاوز صلاحياته الدستورية، متجاهلًا المادة التي تحصر قرار إعلان الحرب بالكونغرس.
قال تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ، إن "الرئيس لا يملك الحق في الزج بالبلاد في حرب دون تفويض تشريعي"، مضيفًا أن "الضربة كانت متهورة وتفتقر إلى استراتيجية واضحة".
فيما وصف جاك ريد، عضو لجنة القوات المسلحة، الضربة بأنها "مقامرة ضخمة"، مشيرًا إلى غياب خطة واضحة لما بعد الضربة.
حالة عزل جديدة؟
تصاعد الموقف مع دعوة النائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز إلى عزل الرئيس ترامب، معتبرة أن قراره الأحادي يمثل "انتهاكًا صارخًا للدستور" قد يجر البلاد إلى حرب طويلة الأمد، قائلة عبر منصة "إكس": "هذا سبب وجيه وواضح للعزل".
كما أشار النائب حكيم جيفريز إلى أن ترامب "ضلل البلاد بشأن نواياه" وأنه "وضع الجنود الأمريكيين في خطر" دون تقديم مبررات أو طلب تفويض.
ووصف الوضع بأنه تصعيد مقلق قد يُفضي إلى تورط كارثي في الشرق الأوسط، داعيًا إلى جلسة سرية في الكونغرس لكشف تفاصيل العملية.
التوتر داخل الإدارة.. نغمة نصر أم توجس؟
رغم خطاب النصر الذي ألقاه ترامب فجر الأحد، نقلت صحيفة بوليتيكو عن مصادر داخل إدارته أن المزاج العام أقل تفاؤلًا. إذ أعرب مسؤولون عن خشيتهم من رد إيراني وشيك، وقلقهم من احتمال انزلاق واشنطن إلى حرب إقليمية لا يمكن ضبط حدودها.
وكشفت مصادر للصحيفة أن الرئيس ترامب بات مقتنعًا في الأيام الأخيرة بوجود فرصة نادرة لتدمير القدرات النووية الإيرانية بأقل قدر من المخاطر على الجنود الأمريكيين، مما دفعه لاعتماد "خطة ضيقة ومصممة خصيصًا" – أي ضربة جراحية لا تتضمن نشر قوات برية أو تعريض أرواح الأمريكيين مباشرة للخطر.
وتشير المصادر إلى أن قرار الضربة جاء بعد بحث خيارات عسكرية متعددة، فضل ترامب منها ما يحافظ على صورته كرئيس حازم، دون الدخول في حرب برية مفتوحة، محاولًا التوفيق بين الحزم العسكري وتعهداته الانتخابية بتجنب "الحروب التي لا نهاية لها".
تظهر الضربة الأمريكية كمحاولة لفرض معادلة ردع جديدة مع إيران، غير أن التقديرات داخل البيت الأبيض تعترف بأن التصعيد قد لا يتوقف هنا. فبينما يعتبر ترامب أن العملية رسالة نهائية لطهران، يشير بعض المسؤولين إلى احتمال استمرار المواجهة، خصوصًا مع مؤشرات على أن إيران قد لا تلتزم الصمت أمام تدمير بنيتها النووية.