الداخل الإسرائيلي تحت الضغط.. صواريخ تقطع الكهرباء ومخاوف من تفشي فيروس خطير في الملاجئ

تشهد الساحة الداخلية الإسرائيلية تطورات ميدانية غير مسبوقة، مع تصاعد تداعيات المواجهات العسكرية وامتداد آثارها إلى عمق الجبهة الداخلية. فقد بثت وسائل إعلام إسرائيلية مشاهد وُصفت بأنها "لا مثيل لها" لانفجارات صواريخ أصابت مناطق متعددة، ما أدى إلى اهتزاز مشهد الأمن الداخلي بصورة صادمة للرأي العام الإسرائيلي.
أحد أبرز هذه التطورات كان الضربة المباشرة التي استهدفت شبكة الكهرباء في جنوب الأراضي المحتلة، وهو ما تسبب بانقطاع كامل للتيار الكهربائي عن مناطق واسعة، مما خلق حالة من الشلل التام وأربك جهود الطوارئ والدفاع المدني. وبحسب مصادر محلية، فإن إصلاح الأعطال يواجه تحديات فنية وأمنية بسبب استمرار القصف، مما يزيد من معاناة السكان.
وفي سياق متصل، أفادت تقارير متداولة عن ظهور أعراض مرضية خطيرة بين سكان المستوطنات الذين يحتمون في الملاجئ، وسط أنباء غير مؤكدة عن انتشار فيروس معدٍ داخل هذه الأماكن المغلقة. ورغم أن وزارة الصحة الإسرائيلية لم تصدر بيانًا رسميًا حتى الآن، فإن حالة الهلع المتزايدة والتقارير الطبية الميدانية تشير إلى احتمال وجود أزمة صحية تتفاقم بصمت.
هذه التطورات تُسلط الضوء على هشاشة الداخل الإسرائيلي في مواجهة سيناريوهات الحرب متعددة الجبهات، إذ لم تعد التهديدات تنحصر في البعد العسكري فقط، بل باتت تمتد إلى البنية التحتية الحيوية والأمن الصحي والاجتماعي. كما تبرز هذه الأحداث فشلًا في الجاهزية الشاملة للسلطات الإسرائيلية لمواجهة مثل هذه الظروف المعقدة، رغم ما يتم الترويج له إعلاميًا عن "منظومات دفاعية متقدمة" و"خطط طوارئ محكمة".
الخوف المركّب وانهيار وهم الحصانة
الأزمة الحالية في الداخل الإسرائيلي تكشف عن حالة من الاضطراب النفسي الجماعي تتفاقم تحت وطأة التصعيد الميداني. فمشاهد الانفجارات الصاروخية، إلى جانب انقطاع الكهرباء وتكدّس السكان في الملاجئ، لا تمثل مجرد تهديدات مادية، بل تلامس بعمق البنية النفسية للمجتمع الذي طالما تغذى على شعور "الأمن المحصن" داخل الحدود.
الانتقال المفاجئ من الحياة اليومية المستقرة إلى حالة الطوارئ الدائمة يخلق بيئة خصبة لظهور أعراض القلق الحاد، نوبات الهلع، والاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة (PTSD)، خصوصًا لدى الأطفال والنساء وكبار السن. فالملاجئ، التي يُفترض أن تكون ملاذًا آمنًا، أصبحت مساحات مغلقة تختزن الخوف من القصف، والخوف من العدوى، والخوف من المجهول.
تتفاقم الأزمة النفسية في ظل فقدان الثقة بالمنظومة الرسمية، إذ يبدو أن ما تسوّقه القيادة السياسية والعسكرية من قدرة على الردع والسيطرة لا ينعكس على الواقع الميداني. هذا التناقض يزرع في الوجدان الجمعي شعورًا بـ العجز والتخلي والخديعة، وهي مشاعر تضعف التماسك الاجتماعي وتغذي النزعات الفردية.
كما يلعب الإعلام الإسرائيلي، من حيث أراد أو لم يُرد، دورًا مضاعفًا في تأجيج التوتر النفسي فبين مشاهد الانفجارات، والتقارير عن عجز القبة الحديدية، والأخبار حول "فيروس خطير" في الملاجئ، يعيش المواطن الإسرائيلي حالة رعب ثلاثي الأبعاد: من القصف، من العزلة، ومن المرض.
هذا المزيج من الضغوط النفسية والبيئية قد ينتج عنه على المدى القصير ارتفاع في معدلات العنف الأسري، الاكتئاب، تعاطي المهدئات والمخدرات، بل وحتى محاولات الانتحار. أما على المدى البعيد، فإن استمرار هذه الأزمات دون معالجة نفسية جماعية قد يؤدي إلى تفكك المنظومة النفسية الجمعية، مما يُضعف قدرة المجتمع على الاستجابة المستقبلية للأزمات.