اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

المستشار الألماني للرئيس الأمريكي: «نحتاجكم كما تحتاجوننا»

المستشار الألماني فريدريش ميرتس بعد نزوله من طائرة تابعة لسلاح الجو الألماني في مطار واشنطن
المستشار الألماني فريدريش ميرتس بعد نزوله من طائرة تابعة لسلاح الجو الألماني في مطار واشنطن

سيواجه المستشار الألماني الجديد، فريدريش ميرتس، مهمةً حاسمةً عندما يلتقي الرئيس دونالد ترامب في المكتب البيضاوي للمرة الأولى اليوم الخميس؛ إبقاؤه مهتماً بمصير أوروبا.

ويُعد ميرتس أحدث قائد أوروبي ينضم إلى سلسلة من الزعماء الذين زاروا البيت الأبيض في الأسابيع الأخيرة، ضمن حملة منسقة تهدف إلى إقناع ترامب بدعم عقوبات جديدة على روسيا، وإبرام صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي، وإعادة تأكيد التزام واشنطن الأمني تجاه المنطقة، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال».

بناء علاقة شخصية وتحديات اللقاء الأول

لدى ميرتس، الزعيم الألماني الجديد من يمين الوسط، مهمة إضافية تتمثل في تطوير علاقة شخصية مع ترامب، الذي وُلد جده في بلدة كالشتات الألمانية. على عكس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يكن لميرتس تفاعل كبير مع ترامب، باستثناء لقاء قصير قبل سنوات عديدة والعديد من المكالمات الهاتفية هذا العام.

يفتقر المستشار الجاد إلى روح ترامب المرحة أو الفكاهة اللاذعة. لكنهما يتشاركان في بعض الأمور: كلاهما رجل أعمال سابق لا يُعرف بالصبر المفرط. وسيكون بإمكانهما التحدث دون مترجمين، حيث يتحدث ميرتس الإنجليزية بلهجة تكاد تكون خالية من أي لكنة.

ومع ذلك، لن يكون اللقاء خالياً من المخاطر بالنسبة لميرتس. فقد أظهرت مواجهات ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا مدى عدم قابلية زيارات المكتب البيضاوي للتنبؤ بها مع ترامب.

لكن مسؤولي إدارة ترامب لا يتوقعون انفجاراً مماثلاً مع ميرتس. على الرغم من المخاوف الأمريكية المتكررة بشأن حرية التعبير في أوروبا، وفي ألمانيا على وجه الخصوص، فإنهم يرون أن اللقاء سيكون روتينياً وودياً، خاصة إذا لم يبالغ ميرتس في رد فعله على أي تصريحات لاذعة يدلي بها الرئيس.

الأولوية الاقتصادية لألمانيا

يُعد الاقتصاد الألماني، المعتمد على التصدير، أكثر عرضة للخسارة من معظم الدول الأوروبية جراء حرب تجارية مطولة مع الولايات المتحدة، أكبر شريك تجاري لها. على الرغم من أن ترامب علق تهديده بفرض تعريفات بنسبة 50 في المائة على الصادرات الأوروبية حتى 9 يوليو (تموز)، فإن صناعة السيارات الألمانية الرائدة تخضع بالفعل لرسوم بنسبة 25 في المائة.

يُتوقع أن يجادل ميرتس بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى أوروبا في محاولة لتشكيل جبهة موحدة ضد الصين. وقد سبق له أن أشار إلى زيادة مشتريات ألمانيا من المعدات الدفاعية والغاز الطبيعي الأمريكية كعروض محتملة في مفاوضات التجارة. كما يسعد برلين مناقشة خفض الحواجز غير الجمركية التقليدية، مثل مواصفات السيارات، لتحسين وصول السلع الأمريكية إلى السوق.

لكن إصلاح ضريبة القيمة المضافة في البلاد أو تعديل التشريعات الأوروبية التي تحكم منصات التواصل الاجتماعي، التي اعتبرتها الولايات المتحدة أيضاً حواجز غير جمركية، ليست مطروحة على الطاولة.

الضغط على روسيا

مع تخفيف الولايات المتحدة دعمها لأوكرانيا في دفاعها ضد الغزو الروسي، يتوقع فريق ترامب من ميرتس أن يوضح كيف ستتحمل ألمانيا، وأوروبا بشكل أوسع، المزيد من المسؤولية.

من جانبه، يريد ميرتس إقناع ترامب بأن روسيا لن تتفاوض على السلام ما لم تواجه عقوبات إضافية من أوروبا والولايات المتحدة.

وقام السيناتور ليندسي غراهام بجولة في أوروبا في الأيام الأخيرة لحشد الدعم لمشروع قانون يفرض تعريفات بنسبة 500 في المائة على الدول التي تشتري النفط الروسي. والتقى ميرتس غراهام في برلين يوم الاثنين ويدعم المبادرة. ومع ذلك، يقر المسؤولون الأوروبيون بأنه من غير المرجح فرض أي عقوبات أمريكية جديدة ما لم تحصل على الضوء الأخضر من ترامب.

وصرح جراهام لصحيفة ألمانية محلية بأن ميرتس يجب أن يُعلِم ترامب أن أوروبا، التي لا تزال تستورد الطاقة من روسيا، «مستعدة لتحمل بعض الألم».

دعم أوروبا قوية

من المرجح أيضاً أن يناقش الزعيمان قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي في وقت لاحق من هذا الشهر، بعد أيام قليلة من قمة مجموعة السبع في كندا.

يرغب الأوروبيون في إقناع الولايات المتحدة بأنهم ينفقون الآن أموالاً حقيقية على الدفاع ويعيدون بناء قواتهم المسلحة المهملة منذ فترة طويلة بسرعة. في المقابل، يأملون أن تعيد الولايات المتحدة التأكيد بقوة على التزامها بالتحالف العسكري.

على الرغم من امتلاك ألمانيا لثاني أكبر موازنة عسكرية في الناتو، فإن سنوات من النقص في الإنفاق تركت دفاعاتها مستنزفة. في عهد ميرتس، تعمل برلين على زيادة المشتريات وتعهدت برفع الإنفاق العسكري من 2.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي إلى 3.5 في المائة، مع تخصيص 1.5 في المائة إضافية من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على البنية التحتية المتعلقة بالدفاع.

وأشار وزير الدفاع بيت هيغسيث في سنغافورة في نهاية الأسبوع الماضي إلى ألمانيا كدولة تزيد استثماراتها في الدفاع، وهو خطاب أسعد برلين.

المعضلة الأوروبية

إحدى الصعوبات التي ستواجه ميرتس ونظراءه الأوروبيين هي تحقيق تقدم في أولوياتهم مع محاولة تثبيط ترامب عن استخدام مجال واحد وسيلةً للضغط لاستخلاص تنازلات في مجال آخر، وفق «وول ستريت جورنال».

على سبيل المثال، استشهدت إدارة ترامب بالضمانات الأمنية الأمريكية كسبب يجب أن تحصل واشنطن بموجبه على صفقة أفضل مع أوروبا بشأن التجارة.

وقالت كونستانز ستيلتسنمولر، الخبيرة في العلاقات الأوروبية الأمريكية في «معهد بروكينغز»، في خطاب ألقته في وقت سابق من هذا الشهر: «إن اعتماد أوروبا الحالي على المظلة الأمنية الأمريكية وانفتاح اقتصاداتها يجعلها شديدة التأثر بالإكراه الاقتصادي الجيوسياسي».

موضوعات متعلقة