اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

صراع الولاءات.. ترامب يسحب ترشيح إيزاكمان لرئاسة ناسا

ترامب
ترامب

في خطوة مفاجئة تعكس تعقيدات العلاقة بين الولاء السياسي، وتوازن المصالح، وتأثير النخب التكنولوجية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب ترشيحه لرجل الأعمال جاريد إيزاكمان لرئاسة وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، رغم حصوله مسبقاً على موافقة لجنة مجلس الشيوخ المختصة.
وكان ترشيح إيزاكمان قد جرى بدفع مباشر من الملياردير إيلون ماسك، في ما اعتُبر حينها تتويجاً لتحالف تكنولوجي سياسي واعد بين ترمب وماسك.
لكن، وبعد مراجعة داخلية لما وصفه ترمب بـ"الروابط السابقة"، أعلن الرئيس عبر منصته "تروث سوشيال" أنه قرر سحب الترشيح، مشدداً على أنه يسعى لتسمية شخصية "تتماشى مع مهمة ناسا وتضع أميركا أولاً في الفضاء".
هذا التحول السريع والمفاجئ في الموقف أثار تساؤلات عميقة حول معايير ترمب لاختيار القيادات، وخاصة عندما تُغلب الولاءات السياسية الشخصية على الكفاءة التقنية أو الرؤية المؤسسية.

تبرعات "غير معلنة".. ولاء الحزب أولاً؟

تشير تقارير نيويورك تايمز إلى أن السبب الفعلي وراء التراجع عن ترشيح إيزاكمان يكمن في تبرعات مالية سابقة قدمها لسياسيين ديمقراطيين، من بينهم السيناتور مارك كيلي وبوب كيسي، والحزب الديمقراطي في كاليفورنيا. ووفقاً لمصادر الصحيفة، فإن هذه المعلومات صدمت ترمب، الذي لم يكن مطلعاً على خلفياتها وقت إعلان الترشيح. ويكشف هذا السلوك عن تفضيل واضح لدى ترمب للولاء السياسي الحزبي الصريح على الكفاءة المهنية، وهي سمة أصبحت سائدة في نمط إدارته خلال السنوات الأخيرة.

تراجع نادر وخسارة لماسك؟

من الناحية الإجرائية، يُعد سحب ترشيح مرشح نال موافقة لجنة الشيوخ خطوة استثنائية في السياسة الأميركية. وكان من المتوقع أن يتم التصويت النهائي على ترشيح إيزاكمان في مجلس الشيوخ الأسبوع التالي، قبل أن يُلغى القرار فجأة. هذه الواقعة اعتُبرت ضربة مباشرة لإيلون ماسك، الذي لعب دوراً محورياً في دفع إيزاكمان نحو هذا المنصب، ما يطرح تساؤلات حول مدى استمرار نفوذ ماسك داخل الإدارة، خاصة بعد مغادرته منصبه الرسمي كمستشار حكومي لترمب.
إيزاكمان، المعروف بدوره في تمويل رحلات فضائية خاصة عبر "سبيس إكس"، لم يُدلِ بأي تعليق رسمي بعد سحب ترشيحه، لكن تقارير إعلامية تؤكد أنه أُبلغ بالأمر في اليوم الأخير لعمل ماسك داخل البيت الأبيض، ما يشير إلى أن القرار ربما اتُخذ في سياق سياسي أوسع يتجاوز ملف ناسا وحده.

صراع داخل التيار المحافظ.. دعم إيزاكمان من أنصار ماسك

من اللافت أن خطوة ترامب لاقت معارضة غير معتادة من بعض دوائر التيار المحافظ نفسه، حيث دافع بعض أعضاء الكونغرس عن ترشيح إيزاكمان، وفي مقدمتهم السيناتور الجمهوري تيم شيهي، وهو عضو بلجنة الشيوخ المختصة. كما شنّت الناشطة اليمينية المتشددة لورا لومر هجوماً على قرار الرئيس، واصفة ما حدث بأنه "مؤامرة من الدولة العميقة" لإضعافه.
هذه الانقسامات تعكس مدى هشاشة التوازنات داخل المعسكر اليميني في ظل التداخل المتزايد بين دوائر المال والسياسة والتكنولوجيا.

لحظة حرجة لوكالة ناسا: فراغ قيادي وسط تقليص الميزانية

تأتي هذه الأزمة في وقت حساس لوكالة ناسا، التي تواجه تقليصاً غير مسبوق في ميزانيتها بموجب اقتراح الموازنة لعام 2026، حيث يُتوقع أن يتم خفض تمويلها بنسبة 25%، مما قد يؤدي إلى تسريح آلاف الموظفين وإيقاف عدد من المشاريع الكبرى.
وكان يُؤمّل من تعيين إيزاكمان أن يضع حداً لحالة عدم الاستقرار الإداري التي تعاني منها الوكالة منذ بداية ولاية ترمب الثانية، حيث تُدار ناسا حالياً من قبل مدير مؤقت. وقد بدا أن لدى إيزاكمان رؤية طموحة لدور ناسا، عبر دعمه لفكرة إرسال بعثات بشرية إلى المريخ، رغم تركيز الوكالة الراهن على برنامج "أرتميس" للعودة إلى القمر.

بين الولاء السياسي والرؤية العلمية

القضية تتجاوز شخص إيزاكمان لتسلّط الضوء على هشاشة العلاقة بين القيادة السياسية والمؤسسات العلمية في ظل إدارة تُغلّب الولاءات الحزبية على الكفاءة. كما تعيد إلى الواجهة سؤالاً مركزياً: إلى أي مدى يمكن أن تستمر ناسا، أو أي مؤسسة علمية اتحادية، في أداء دورها الحيوي وسط تنازع المصالح والتجاذبات السياسية؟.

موضوعات متعلقة