اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

هجوم خوزدار.. تصعيد دموي في بلوشستان يعمّق التوتر بين باكستان والهند

حافلة مدمرة
حافلة مدمرة

في مشهد يعكس تصاعد التوترات الأمنية والسياسية بين الجارتين النوويتين باكستان والهند، أعلن الجيش الباكستاني الأربعاء أن هجومًا "انتحاريًا" استهدف حافلة مدرسية يديرها الجيش في منطقة خوزدار بإقليم بلوشستان، أسفر عن مقتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة العشرات، فيما وُجهت أصابع الاتهام مجددًا إلى "وكلاء نيودلهي" دون تقديم أدلة ملموسة تربط الهجوم رسميًا بالهند.


مأساة جديدة


الهجوم الذي وقع بينما كانت الحافلة تُقل نحو 40 طالبًا إلى مدرسة عسكرية، هزّ المنطقة الواقعة جنوب غرب البلاد، والتي طالما شهدت اضطرابات أمنية وأعمال عنف متكررة. وبحسب السلطات المحلية، فإن الانفجار أوقع 35 جريحًا نقلوا إلى المستشفى المركزي في خوزدار، مما يعيد إلى الأذهان مأساة بيشاور عام 2014، عندما راح أكثر من 130 طفلًا ضحية هجوم استهدف مدرسة تابعة للجيش.
البيانات الرسمية الباكستانية الصادرة عن إدارة العلاقات العامة للجيش، ورئاسة الحكومة، والرئيس آصف علي زرداري، حمّلت من وصفتهم بـ"الإرهابيين المدعومين من الهند" مسؤولية الهجوم، ونددت بما اعتبرته "جريمة جبانة" تستهدف أطفالًا ومعلمين أبرياء. غير أن الحكومة لم تقدم أدلة علنية تدعم هذا الاتهام، فيما التزمت نيودلهي الصمت حتى الآن.

إقليم بلوشستان، الذي يُعد الأكبر مساحة في البلاد لكنه الأقل من حيث عدد السكان، يضم عددًا من مشاريع التعدين الحيوية، إلا أنه يعاني منذ عقود من الحركات الانفصالية والعنف الطائفي، وتزايد في الآونة الأخيرة نشاط الجماعات المسلحة، لا سيما "جيش تحرير بلوشستان" الذي تبنّى هجمات دموية، أبرزها تفجير خط سكة حديد واحتجاز رهائن في مارس الماضي، ما أسفر عن سقوط 31 قتيلًا.

ورقة سياسية لتعزيز الرواية الباكستانية

الهجوم يأتي في وقت دقيق سياسيًا، إذ تصاعدت حدة التوتر بين إسلام أباد ونيودلهي مؤخرًا، رغم الإعلان عن وقف هش لإطلاق النار في العاشر من مايو الجاري، عقب أسوأ مواجهة عسكرية بين الجانبين منذ سنوات، على خلفية هجوم في كشمير أودى بحياة 26 شخصًا. تبادلت الهند وباكستان حينها الاتهامات بدعم جماعات مسلحة، ما أثار تحذيرات دولية من انزلاق الصراع نحو مواجهة مفتوحة.
في هذا السياق، يبدو أن الهجوم على حافلة خوزدار قد يُستخدم كورقة سياسية لتعزيز الرواية الباكستانية حول "تورط هندي في زعزعة استقرار الإقليم"، فيما تسعى الجماعات المسلحة في بلوشستان لتعظيم رسائلها من خلال ضرب أهداف رمزية كالمؤسسات التعليمية التابعة للجيش، في مسعى واضح لإرباك الدولة وإظهار هشاشة الأمن الداخلي.


يبقى أن هذا التصعيد يُلقي بظلاله الثقيلة على مستقبل العلاقات الثنائية بين الدولتين النوويتين، وعلى استقرار إقليم بلوشستان الذي تتشابك فيه خيوط العرق والسياسة والاقتصاد والتدخلات الخارجية، في ظل غياب حل جذري يضمن الأمن ويحقق التنمية المستدامة لسكانه المحاصرين بين نيران الدولة والجماعات المسلحة.