مفاوضات حماس والولايات المتحدة.. تطورات المرحلة الثانية واتجاهات الحلول الممكنة

أكدت مصادر مطلعة أن المفاوضات بين حماس والولايات المتحدة، التي جرت بوساطة قطرية ومصرية، تركزت حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. وقد سعت حماس إلى توسيع نطاق التفاهمات عبر إدراج شروط جديدة تتعلق بتبادل الأسرى، خاصة العسكريين الإسرائيليين، في مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين وفق معايير محددة تعرف بـ "المفاتيح"، ففي المرحلة الأولى، تم اعتماد معيار يقضي بإطلاق سراح 50 أسيراً فلسطينياً محكومين بالسجن المؤبد أو لفترات طويلة مقابل كل جندي إسرائيلي أو شخص في سن التجنيد. أما في المرحلة الثانية، فيبدو أن هناك توجهًا نحو تعديل هذه المعايير بما يتناسب مع طبيعة المفاوضات الجارية.
الدور القطري والمرونة في التعامل مع المطالب الأمريكية
تمت اللقاءات بوساطة قطرية وبطلب أمريكي مباشر، حيث تعاملت حماس بمرونة في مناقشة قضية المحتجزين الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، وأبدت استعدادًا لتقديم بادرة حسن نية في هذا السياق، دون تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة هذه البادرة أو شروطها.
وأشارت المصادر إلى أن هذه اللقاءات ساهمت في تقريب وجهات النظر وتوضيح موقف حماس، مما قد يمهد الطريق نحو حلول شاملة تؤدي إلى استقرار الوضع في المنطقة.
التركيز الأمريكي على المحتجزين مزدوجي الجنسية
تركزت المباحثات مع المسؤولين الأمريكيين على إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، والذين يتراوح عددهم بين 4 إلى 6 أشخاص. وفي المقابل، طالبت حماس بدور أمريكي فاعل في صفقة تبادل الأسرى، بحيث يكون جزءًا من اتفاق شامل لوقف إطلاق النار لفترة طويلة، يتضمن إنهاء التواجد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، والسماح بإعادة الإعمار، ورفع الحصار المفروض على القطاع.
مستقبل المفاوضات والعقبات القائمة
رغم التفاهم الأمريكي لمطالب حماس، فإن إسرائيل لم تُبدِ تجاوبًا ملحوظًا مع هذه المقترحات، مما يجعل تنفيذ المرحلة الثانية مرهونًا بضغط أمريكي على الجانب الإسرائيلي.
وأكدت مصادر حماس أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن استعدادهم لمواصلة الاتصالات رغم عدم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن، مشيرةً إلى أن اللقاءات شهدت حضور مسؤولين من قطر ومصر، في محاولة لتعزيز فرص الوصول إلى اتفاق.
ومن بين المطالب التي قدمتها حماس للموفدين الأمريكيين، استئناف إدخال المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية، بالإضافة إلى الوقود والكرفانات والخيام، وبدء المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار، وهو ما لقي تفهماً أمريكياً، لكن دون التزام إسرائيلي واضح بتنفيذه.
وأكدت مصادر داخل حماس أن مسؤولين من الحركة أجروا محادثات مباشرة مع المبعوث الأمريكي لشؤون الأسرى آدم بوهلر، حيث تركزت المباحثات حول إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من حملة الجنسية الأمريكية ومصير الحرب في غزة.
وأوضحت المصادر أن حماس مستعدة لعقد صفقة تبادل خاصة بالمحتجزين الأمريكيين، لكنها اشترطت ضمانات أمريكية بتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تتضمن وقف الحرب وسحب القوات الإسرائيلية من القطاع، الأمر الذي يعكس رغبة الحركة في التوصل إلى تسوية سياسية أوسع تشمل الأبعاد الإنسانية والعسكرية للصراع.
تصعيد إسرائيلي وتشديد الحصار على غزة
يذكر أن المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار انتهت يوم السبت الماضي ، أعقبها فرض إسرائيل حصارًا كاملاً على دخول البضائع والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ومع ذلك، أصرت إسرائيل على إطلاق سراح المحتجزين المتبقين دون الانخراط في مفاوضات حول إنهاء الحرب، وهو ما أثار مخاوف من تصعيد جديد، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني في غزة.
كما وجه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهديدًا شديد اللهجة لحماس عبر منصة "تروث سوشال"، مطالبًا بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين الإسرائيليين، محذرًا من "عواقب وخيمة" إذا لم يتم ذلك. وأضاف ترامب أنه يقدم لإسرائيل كل ما تحتاجه "لإنهاء المهمة"، في إشارة إلى إمكانية تصعيد الدعم العسكري الإسرائيلي.
وفي المقابل، اعتبرت حركة حماس تصريحات ترامب دعمًا مباشرًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتعطيل اتفاق وقف إطلاق النار وتشديد الحصار. وأكدت الحركة أن السبيل الوحيد للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين هو التزام الاحتلال بمفاوضات المرحلة الثانية، وتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها برعاية الوسطاء.
مصير المفاوضات
ويتضح من تطورات المفاوضات أن هناك تباينًا في الأولويات بين الأطراف المختلفة؛ ففي حين تركز واشنطن على الإفراج عن المحتجزين مزدوجي الجنسية، تسعى حماس إلى ربط هذا الملف باتفاق شامل لإنهاء الحرب ورفع الحصار. أما إسرائيل، فتبدو غير متجاوبة مع هذه الطروحات، ما يعقّد إمكانية الوصول إلى حل قريب.
في ظل هذا المشهد، تبقى السيناريوهات مفتوحة على عدة احتمالات، فإما أن تنجح الوساطات في تقريب وجهات النظر والدفع نحو اتفاق جديد، أو أن يؤدي استمرار التعنت الإسرائيلي والتصعيد الأمريكي إلى تعقيد المشهد أكثر، مما قد يفضي إلى مرحلة جديدة من المواجهة في غزة.