اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

الشيخ التاسع للأزهر الشريف.. عبد الرؤوف السجيني ”أبو الجود”

الشيخ التاسع للأزهر الشريف الشيخ عبدالرؤوف السجيني
الشيخ التاسع للأزهر الشريف الشيخ عبدالرؤوف السجيني

ينحدر الشيخ عبد الرؤوف السجيني وهو الشيخ التاسع للأزهر الشريف من قرية سجين في محافظة الغربية حيث ولد فيها عام 1741 وينتمي لعائلة عريقة في العلم، فهو من أحفاد الشيخ شمس الدين السجيني والشيخ إبراهيم السجينى، وحفظ القرآن الكريم في بلدته ثم انتقل إلى القاهرة لدراسة علوم الأزهر.

تميز الشيخ السجيني بذكائه واهتمامه بالعلم، فدرس علوم التفسير والحديث والفقه وأصول الفقه وعلم الكلام والنحو والصرف وغيرها، وأفاد بلسانه وقلمه العديد من العلماء الذين اعتبروه مرجعًا علميًا هامًا.
تولى الشيخ السجيني مشيخة الأزهر عام 1767م، وقادها بحكمة وشهامة، مما جعله يحظى بمكانة مرموقة لدى الجميع.
وتأثر الشيخ السجيني بالإمام محمد الحفني، شيخه ومَن سبقه في مشيخة الأزهر.
وقبل تولي الشيخ السجيني مشيخة الأزهر، تولى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر، وظل شيخا له حتى بعد ولايته لمشيخة الأزهر، وقد لقبه المؤرخ الجبرتى بكتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" بالإمام العلامة الفقيه النبيه شيخ الإسلام وعمدة الأنام.
وتميز الشيخ السجيني بحزمه في إدارة شؤون الأزهر، واتبع نهج الإمام الحفني في الكرم والجود، لذا لقّب بـ"أبي الجود" لكرمه وسخائه.
قبل تولي الشيخ عبد الرؤوف السجيني منصب شيخ الأزهر، وقعت حادثة هزت أركان القاهرة، وخلّفت صراعًا دام أسبوعًا بين أهالي خان الخليلي وباقي سكان المدينة، حيث تشاجر أحد تجار خان الخليلي مع خادمه، فما كان من الخادم إلا أن ضربه وفر هارباً لحق به التاجر ومعه بعض التجار الآخرين، فاقتحم الخادم بيت الشيخ السجيني محتميتا به.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل اقتحم التجار بيت الشيخ وضرب التاجر الخادم برصاصة أخطأته وأصابت أحد أقارب الشيخ إصابة قاتلة، هرب التاجر، ورفض تسليم نفسه للشيخ وأقاربه، مما أدى إلى تعصب أهله وأبناء جنسه له.
اهتم الشيخ السجيني بالأمر، وجمع المشايخ والقاضي، وانضم إليهم الكثير من العامة، وثارت فتنة غلق الناس فيها الأسواق والحوانيت، واعتصم أهل خان الخليلي بدائرتهم وأحاط بهم الناس من كل جهة.
وحضر أهل بولاق وأهل مصر القديمة، وحدث صدام قتل فيه من الفريقين عدة أشخاص، واستمرّ الحال على ذلك أسبوعًا.
وأخيرا، اجتمع ذوو الرأي بالمحكمة الكبرى، وانتهى الأمر بالصلح، وتُظهر هذه الحادثة مكانة الشيخ السجيني العالية قبل توليه مشيخة الأزهر، وقدرته على جمع الناس وحلّ الأزمات، كما تُسلط الضوء على التوترات الاجتماعية والسياسية التي كانت موجودة في القاهرة في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من قصر مدة توليه للمشيخة (عام واحد) إلا أنه أمر لم يمنعه من ترك بصمة واضحة في تاريخ الأزهر، حيث يدل سلوكه الإداري على كفاءته وتميزه في إدارة شؤون الأزهر، ويُعدّ نموذجًا للإمام العالم والإداري الناجح، وترك الشيخ السجيني إرثًا غنيًا من العلم والمعرفة، برغم قصر حياته.