اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

نص خطبة الجمعة في مصر «الاستعداد لرمضان بالتكافل ومجالس العلم وتلاوة القرآن»

يؤدي أئمة المساجد خطبة الجمعة 1 مارس 2024، حيث حددت وزارة الأوقاف موضوع الخطبة تحت عنوان "الاستعداد لرمضان .. بالتكافل ومجالس العلم وتلاوة القرآن".

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا، ويقول سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خبير ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونَبِيِّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُه ورسوله، اللهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومَنْ تَبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن مجالس العلم من أطيب المجالس وأزكاها، وأشرفها قدرا عند رب العالمين ففي رحابها يتدارس العلم النافع، الذي يزكي العقول، ويبني الوعي، ويرشد إلى الطريق المستقيم، حيث يقول سبحانه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلا الله، وقال العلماء: التعلم قبل التعبد، ليكون التعبد على هدى.

وقال الحسن البصري رحمه الله): "العامل على غير علم كالسالك على غير طريق، والعامل على غير علم يفسد أكثر مما يصلح، فاطلبوا العلم طلبا لا تضروا بالعبادة، واطلبوا العبادة طلبا لا تضروا بالعلم". وقد رفع الله سبحانه وتعالى شأن العلم والعلماء في كتابه العزيز، حيث يقول سبحانه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ، ويقول سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ، ويقول سبحانه: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ، ولم يطلب الله تعالى من رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأله الاستزادة من شيء إلا من العلم، حيث يقول (جل وعلا): {وَقُلْ رَبِّ | زِدْنِي عِلْمًا.

ومجالس العلم من أرقى صور مجالس الذكر، حيث يقول سيدنا عبد اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ (رضي الله عنه: "إِذَا مَرَرْتُم بِرِياضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا ... حلق الْفِقْهِ"، ويقول عَطَاءُ الْخَرَاسَانِي (رحمه الله): مَجَالِسُ الذِّكْرِ هِي مَجَالِسُ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ ، وقد سمى الله سبحانه أهل العلم بأهل الذكر، حيث يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِع) ويقول سهل التستري (رحمه الله: "من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء".

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك ينبغي أن نهيئ قلوبنا لاستقبال نفحاته واغتنام أنواره وبركاته بتلاوة القرآن الكريم ومجالس العلم، فهو شهر القرآن الكريم، حيث ربط الله تعالى بين صوم رمضان والقرآن الكريم في قوله سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيه الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ، بل إن ليلة القدر العظيمة كان سبب تفضيلها هو نزول القرآن الكريم فيها، يقول سبحانه: {إنا ولا شك أن فضل مجالس تلاوة القرآن ومدارسته ومجالس العلم ومذاكرته عظيم وخيرهما عميم، يقول نبينا (صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) : (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ تعالى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَقَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، ويقول صلوات ربي وسلامه عليه) : (إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَتُهُ)

أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .

يقول عليه الصلاة والسلام): ( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُهُ فِي الدِّينِ).

إن من أهم ما نستقبل به هذا الشهر الكريم هو التكافل والتراحم، وسعة الإنفاق في سبيل الله عز وجل، فمن يسر على معسر يسر الله عليه، ومن فرج عن إنسان كربة فرج الله (عز وجل) عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر إنسانًا ستره الله في الدنيا والآخرة ومن سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه لطف الله في جوف المخاطر، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم): "ما من يوم يُصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر : اللهم أعطِ مُمْسكًا تَلِفًا".

فما أجمل أن نتعرض لنفحات شهر رمضان المبارك بالاستعداد له بالتكافل والتراحم وبمجالس العلم وتلاوة القرآن فيها تُطهر القلوب، وتُزَكَّى النفوس، ويُؤسِّس الوعي الرشيد.

وشددت وزارة الأوقاف على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير وألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقائق، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى.