مواجهة غير مسبوقة.. إيلون ماسك يؤيد عزل ترامب

في تطور لافت يجسد حجم الانقسام داخل التيار اليميني الأميركي، أبدى الملياردير إيلون ماسك تأييده الصريح لمقترح عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في لحظة حرجة من التوتر بين الرجلين اللذين كانا يُعدّان حتى وقت قريب حليفين سياسيين ضمن الجبهة الشعبوية المحافظة.
وجاء دعم ماسك لفكرة عزل ترمب من خلال تفاعله مع منشور للمؤثر اليميني الماليزي الأميركي إيان مايلز تشيونغ على منصة "إكس"، قال فيه: "الرئيس ضد إيلون... من يفوز؟ أراهن على إيلون... يجب عزل ترمب واستبداله بجاي دي فانس". ليرد ماسك بكلمة واحدة: "نعم"، في تأييد واضح وغير معتاد في لهجته من رجل أعمال اعتاد انتقاد النخبة السياسية، دون التورط بشكل مباشر في معارك الإقصاء.
رد ترمب لم يتأخر، إذ لجأ إلى منصته الخاصة "تروث سوشيال" ليعبّر عن استيائه، قائلاً إن ماسك "كان ينبغي عليه الانقلاب منذ أشهر" إن كان ينوي ذلك. واعتبر ترمب أن الخلاف بينهما تفجّر على خلفية مشروع القانون الذي تقدم به، واصفًا إياه بأنه "من أعظم مشاريع القوانين في تاريخ الكونغرس".
ويركز مشروع ترمب، بحسب وصفه، على تقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب بشكل كبير، حيث أشار إلى أنه يتضمن تخفيضاً قياسياً بقيمة 1.6 تريليون دولار، إلى جانب أكبر خفض ضريبي يتم اقتراحه، محذراً من أنه في حال عدم إقراره "ستواجه البلاد زيادة ضريبية بنسبة 68%، وأموراً أسوأ بكثير"، على حد تعبيره.
هذا التصعيد في الخطاب يعكس تصدعاً متزايداً في صفوف التيار اليميني الذي يقوده ترمب، ويضع شخصيات ذات ثقل اقتصادي وتأثير إعلامي مثل ماسك في موقع المواجهة مع الزعيم الجمهوري الأبرز. كما أن ذكر اسم السيناتور جاي دي فانس كبديل لترمب يفتح الباب أمام إعادة ترتيب محتملة للمشهد السياسي المحافظ، مع استعداد عدد من الأطراف لمرحلة ما بعد ترمب، سواء بترتيب داخلي أو عبر صراع مفتوح.
وتأتي هذه التطورات في لحظة فارقة تشهد فيها الساحة السياسية الأميركية احتداماً في معارك التمويل، والضرائب، والاستقطاب الحاد حول السياسات الاقتصادية، وسط استعدادات غير معلنة للانتخابات الرئاسية المقبلة.
خلفية الصراع بين إيلون ماسك ودونالد ترمب
الصراع بين الملياردير التكنولوجي إيلون ماسك والرئيس الأميركي لم ينشأ فجأة، بل تطور على مدى أشهر، وتحديداً منذ أن بدأ ماسك يلعب دوراً متزايداً في المشهد السياسي والإعلامي الأميركي بعد استحواذه على منصة "تويتر" (التي أعاد تسميتها إلى "إكس")، وتحوله إلى أحد أبرز الأصوات اليمينية غير التقليدية، التي تهاجم ما يُعرف بـ"اليسار التقدمي"، لكنها في الوقت ذاته لا تدور بالكامل في فلك ترمب.
في البداية، كانت العلاقة بين ترمب وماسك تتسم بالتقارب الحذر. فقد مدح ترمب ماسك مراراً خلال رئاسته، وأشاد بقدراته الابتكارية ومشاريعه في مجال الفضاء والطاقة. بالمقابل، امتنع ماسك عن مهاجمة ترمب بشكل مباشر، رغم اختلافه مع بعض سياساته، لا سيما في ملف المناخ.
انتخابات 2020
لكن الصدع بدأ يظهر بعد انتخابات 2020، حيث انتقد ماسك بوضوح أسلوب ترمب في رفض نتائج الانتخابات، وأشار أكثر من مرة إلى ضرورة "دوران السلطة بسلاسة" في الديمقراطيات. وتعمّق الخلاف حين أعلن ماسك في 2022 أنه لن يصوّت لترمب، وأنه يفضّل "شخصاً متزناً وعقلانياً" لقيادة البلاد، ملمّحاً إلى أنه لا يرى ترمب صالحاً للعودة إلى الحكم.
مع تصاعد التوتر، خرج ترمب عن صمته وهاجم ماسك شخصياً في خطاب له، واصفاً إياه بأنه "مخادع"، وأشار إلى أن ماسك كان "يتوسل" للحصول على دعم حكومي لمشاريعه، ليرد ماسك بتغريدة ساخرة ويقول إن ترمب يجب أن "يرحل بهدوء إلى التقاعد".
تفعيل حساب ترمب
زاد التوتر بعد أن رفض ماسك إعادة تفعيل حساب ترمب على "إكس" بشكل فوري، رغم وعوده بحرية التعبير. ثم جاء الخلاف الأخير حول مشروع قانون ترمب لخفض الإنفاق والضرائب ليكشف حجم الفجوة بين الطرفين، حيث يرى ماسك أن سياسات ترمب الاقتصادية "قصيرة النظر" وغير واقعية.
الآن، وبعد أن أيّد ماسك بشكل علني فكرة عزل ترمب واستبداله بجاي دي فانس، فإن الخلاف لم يعد مجرد تباين في الرؤى، بل بات معركة علنية على زعامة اليمين الأميركي في مرحلة ما بعد ترمب، خاصة في ظل الحديث عن انتخابات 2028 واحتمال انقسامات داخل الحزب الجمهوري نفسه.