الضربات الأمريكية على إيران تضع آمال الدبلوماسية النووية في مأزق

في محاولة لنزع فتيل الصراع بشأن البرنامج النووي الإيراني، سارع وزراء خارجية القوى الثلاث الكبرى في أوروبا إلى لقاء نظيرهم الإيراني يوم الجمعة في جنيف.
ولكن تبددت هذه الآمال سريعاً جداً عندما أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن غارات جوية على المواقع النووية الثلاثة الرئيسية في إيران، دعما للحملة العسكرية الإسرائيلية.
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي بدا غاضبا بشكل واضح، للصحفيين في إسطنبول يوم الأحد “من غير المجدى مطالبة إيران بالعودة إلى الدبلوماسية”، وتوعد بالرد على الضربات الأمريكية. وأضاف “الآن ليس وقت الدبلوماسية”.
وحذر ترامب، الذي قال إن الضربات الجوية الأمريكية “محت” المواقع، في خطاب بثه التلفزيون من أن الولايات المتحدة قد تهاجم أهدافا أخرى في إيران إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام وحث طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وتحدثت رويترز إلى سبعة دبلوماسيين ومحللين غربيين قالوا إن احتمالات العودة للمفاوضات ضئيلة في الوقت الحالي مع وجود فجوة لا يمكن جسرها بين مطالبة واشنطن لإيران بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم تماما ورفض طهران التخلي عن برنامجها النووي.
وقال جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسات النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن “أعتقد أن احتمالات الدبلوماسية الفعالة في هذه المرحلة ضئيلة جدا”.
وتابع “يقلقني أكثر التصعيد، سواء في الأمدين القريب أو البعيد”.
ووفقا لدبلوماسيين أوروبيين، لم يتم إبلاغ الدول الأوروبية الحليفة الثلاثة – بريطانيا وفرنسا وألمانيا – مُسبقا بقرار ترامب ضرب إيران. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وعد يوم السبت عقب اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني وقبيل الضربات الأمريكية بتسريع وتيرة المحادثات النووية.
وأقر دبلوماسي أوروبي، طلب عدم الكشف عن هويته، بأنه لم يعد هناك سبيل لعقد اجتماع ثان مزمع مع إيران هذا الأسبوع.
وفي أعقاب العمل العسكري الأمريكي، يبدو أن أي دور دبلوماسي أوروبي سيكون ثانويا على الأرجح. وقلل ترامب يوم الجمعة من أهمية الجهود الأوروبية لحل الأزمة قائلا إن إيران تريد فقط التحدث إلى الولايات المتحدة.
وذكر ثلاثة دبلوماسيين ومحللين أن أي محادثات مستقبلية بين إيران وواشنطن ستجري على الأرجح من خلال وسيطين إقليميين هما سلطنة عُمان وقطر، بمجرد أن تقرر طهران كيفية الرد على الضربات الجوية الأمريكية على مواقعها النووية في فوردو ونطنز وأصفهان.
ولا تترك الهجمات لإيران سوى خيارات قليلة قابلة للتطبيق. فمنذ أن بدأت إسرائيل حملتها العسكرية على إيران في 13 يونيو حزيران، أثار البعض في طهران احتمال الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي للإشارة إلى عزم طهران على تسريع التخصيب، لكن خبراء يقولون إن ذلك سيمثل تصعيدا كبيرا، ومن المرجح أن يثير ردا قويا من واشنطن.
وقال أكتون، من مؤسسة كارنيجي، إن أبرز وسائل الرد الإيرانية هي الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، التي يمكن استخدامها لاستهداف القوات والأصول الأمريكية في المنطقة. وأضاف أن أي رد عسكري من الجمهورية الإسلامية ينطوي على مخاطر سوء التقدير.
وأضاف “من ناحية، يريدون ردا قويا بما يكفي ليشعروا بأن الولايات المتحدة دفعت ثمنا باهظا. ومن ناحية أخرى، لا يريدون تشجيع المزيد من التصعيد”.