اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

غدر الاحتلال.. استشهاد 3 فلسطينيين قرب مركز مساعدات برفح

غزة
غزة

فجر الاثنين، تلقّت غزة جرحًا جديدًا ينزف في قلب كارثتها الإنسانية، مع استشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة 35 آخرين غرب مدينة رفح برصاص القوات الإسرائيلية، في محيط مركز مساعدات تديره مؤسسة أمنية أميركية خاصة. تأتي هذه الحادثة الدامية وسط تساؤلات متزايدة حول أخلاقيات إدارة المساعدات الدولية، والتواطؤ السياسي الذي يغلف عمليات الإغاثة في القطاع المنكوب.

بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، أطلقت قوات الاحتلال النار بشكل مباشر على تجمع للمدنيين الفلسطينيين قرب مركز توزيع مساعدات تابع لشركة أميركية تُديرها مؤسسة «غزة الإنسانية»، ما أسفر عن سقوط الضحايا. القصف تم في منطقة "مصنفة في الخانة الحمراء" أمنيًا، وهو ما يعني بحسب تعريف الاحتلال منطقة يُمنع الوصول إليها، حتى للطواقم الطبية. وأكدت إدارة الدفاع المدني في غزة أن قوات الاحتلال منعت وصول سيارات الإسعاف لإجلاء المصابين، مما فاقم أعداد الضحايا وأدى إلى إصابات حرجة.

تصعيد إسرائيلي

هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي ضمن سياق تصعيد إسرائيلي أوسع. ففي اليوم نفسه، استشهد المواطن حسام بسام وافي (36 عامًا) متأثرًا بجراحه جراء قصف شارع صلاح الدين شرق خان يونس. كما شهدت مناطق متفرقة من القطاع دمارًا واسعًا: نسف منازل في رفح والقرارة، وتدمير مسجد أنصار في دير البلح بثلاثة صواريخ، وقصف مدفعي على محيط دوار الصفطاوي شمال غربي غزة.

في ظل هذه الممارسات، لم تعد المساعدات الغذائية ملاذًا آمنًا، بل صارت مسرحًا للصراع السياسي والعسكري. ويقطع المدنيون مسافات تصل إلى خمسة كيلومترات للوصول إلى مراكز توزيع الطعام، وسط مشهد فوضوي وتدافع يعكس اليأس وانهيار البنية المجتمعية، فيما تُحرم المؤسسات الطبية من أداء مهامها الأساسية في إسعاف الجرحى.

الجدل تصاعد منذ أن بدأت مؤسسة "غزة الإنسانية" الأميركية توزيع الطعام في 26 مايو، إذ رفضت الأمم المتحدة التعاون مع هذه الجهة، معتبرة أنها "تنتهك المبادئ الإنسانية الأساسية". المؤسسة، بحسب مراقبين، تفتقر إلى الحياد والاستقلالية، وتُدار من قبل شركة أمنية خاصة لها ارتباطات بالحكومة الأميركية، ما يثير مخاوف من تحويل العمل الإغاثي إلى أداة ضغط سياسي أو حتى غطاء لعمليات عسكرية.

رسالة قاسية

الرسالة القاسية التي تحملها هذه المجزرة، هي أن لا خطوط حمراء تُحترم في غزة، لا على مستوى القانون الدولي، ولا في ميدان الأخلاقيات الإنسانية. فالمدنيون باتوا بين مطرقة الجوع وسندان الرصاص، والمساعدات الإنسانية تحوّلت إلى فخ قاتل.

إن ما جرى في رفح يُظهر إخفاقًا مزدوجًا: فشل المنظومة الدولية في فرض الحماية للمدنيين، وفشل نماذج "الإغاثة المُخصخصة" التي تتجاوز المبادئ المحايدة للعمل الإنساني. ومع استمرار القصف والتجويع، يبدو أن الأزمة في غزة لم تعد مجرد كارثة إنسانية، بل مأساة سياسية مكشوفة الأوجه، تتطلب إعادة تقييم جذرية من قبل المجتمع الدولي.

موضوعات متعلقة