اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

رسائل نارية من تل أبيب إلى طهران عبر صنعاء.. نتنياهو يصعّد: من لا يفهم بالقوة سيفهم بالمزيد منها

نتنياهو 
نتنياهو 

شهدت الساحة الإقليمية تصعيدًا جديدًا تمثل في توجيه إسرائيل ضربات جوية استهدفت مطار صنعاء الدولي، الواقع تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في خطوة وصفها المسؤولون الإسرائيليون بأنها تأتي في إطار "سياسة الردع" ضد الهجمات التي تطال إسرائيل من اتجاه اليمن. غير أن هذه الضربات تتجاوز بعدها التكتيكي إلى دلالات استراتيجية أوسع، تربط بين المواجهة المباشرة مع الحوثيين والصراع الأوسع مع إيران.


في تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على هامش محاكمته الجارية، اتهم إيران بشكل مباشر بالوقوف وراء الهجمات القادمة من اليمن، معتبرًا أن جماعة الحوثي ليست سوى "عرض من أعراض العدوان الإيراني". وأكد أن إسرائيل "ترد على من يهاجمها"، ملوحًا باستخدام المزيد من القوة إذا لم تحقق الضربات الأخيرة الردع المطلوب.


من جانبه، صعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الخطاب بتحذيرات مباشرة، قائلًا إن الضربات استهدفت "آخر طائرة في مطار صنعاء"، وهدد بمواصلة قصف المنشآت الاستراتيجية، بما في ذلك المطارات والموانئ اليمنية، إذا استمرت الهجمات الحوثية. تصريحات كاتس جاءت محملة بنبرة تهديد واضحة تعكس أن العمليات العسكرية ضد اليمن قد تتحول إلى مسار طويل الأمد.


أبعاد الصراع

تشير هذه التطورات إلى توسيع دائرة الصراع بين إسرائيل وإيران، الذي كان محصورًا في سوريا ولبنان والعراق، ليشمل الآن اليمن كجبهة جديدة. تُوظف تل أبيب هنا استراتيجية "الرد على وكلاء إيران" في المنطقة، لإرسال رسائل مباشرة إلى طهران.


اليمن كمنصة صاروخية


منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، دخلت جماعة الحوثي على خط المواجهة من خلال إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل، وهو ما اعتبرته تل أبيب تهديدًا لأمنها القومي، لا سيما مع بروز قدرات الحوثيين الصاروخية وتطور تقنياتهم.


رسائل مزدوجة


التحركات الإسرائيلية تخدم غرضين متزامنين: الأول توجيه ضربة مباشرة لأذرع إيران، والثاني تعزيز صورة القيادة الإسرائيلية أمام الرأي العام المحلي، في ظل أزمات داخلية متعددة تطال حكومة نتنياهو، بما في ذلك ملفه القضائي.

أهداف الضربة

ضرب مطار صنعاء يحمل رمزية كبيرة، فهو ليس فقط منشأة مدنية ومطارًا دوليًا، بل يُنظر إليه أيضًا كمركز محتمل لتخزين أو إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ طويلة المدى التي تُستخدم في الهجمات على إسرائيل والسفن في البحر الأحمر.


ومع تكرار التهديدات بقصف المنشآت الاستراتيجية، فإن التصعيد ينذر بتدويل أكبر للأزمة اليمنية، ويهدد بجرّ أطراف دولية أخرى إلى ساحة الصراع، سواء من خلال استهداف الملاحة في البحر الأحمر أو عبر تأثير الضربات على المدنيين والبنية التحتية الحيوية في اليمن.


الضربات الإسرائيلية على مطار صنعاء تمثل تطورًا خطيرًا في المشهد الإقليمي، وتكشف انتقال الصراع من المواجهة غير المباشرة إلى استهدافات عسكرية علنية على أراضٍ خارج حدود الصراع التقليدي. في ظل غياب أفق دبلوماسي، يبدو أن المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من التصعيد المتعدد الأطراف، حيث تتقاطع مصالح القوى الإقليمية والدولية، وتتشابك الجبهات، ما يهدد باندلاع حرب أوسع لا أحد قادر على احتوائها بسهولة.

موضوعات متعلقة