اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

اتهامات بقتل متعمد لأطفال فلسطين.. سياسي إسرائيلي يفتح النار على حكومة نتنياهو

سياسي إسرائيلي
سياسي إسرائيلي

في مشهد سياسي غير مألوف داخل المؤسسة الإسرائيلية، فجّر رئيس الحزب الديمقراطي الإسرائيلي، يائير غولان، عاصفة من الجدل حين وجّه اتهامًا صريحًا لحكومته بأنها «تمارس قتل الأطفال كهواية»، معتبرًا أن الدولة على وشك الانزلاق إلى مصير مماثل لما كانت عليه جنوب أفريقيا في حقبة الفصل العنصري. هذه التصريحات التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، فتحت بابًا واسعًا للنقاش، ليس فقط على مستوى السياسة الداخلية، بل على مستوى صورة إسرائيل الدولية، في ظل تصاعد الانتقادات لعملياتها العسكرية في غزة وما يرافقها من خسائر بشرية فادحة بين المدنيين.


غولان، المعروف بمواقفه اليسارية ومناهضته للتيارات اليمينية المتشددة، لم يكتفِ بتوجيه اللوم للحكومة، بل شكك في نزاهة النخبة الحاكمة بأكملها، واصفًا إياها بأنها "تعج بالأشخاص المنتقمين الذين يفتقرون إلى الأخلاق والقدرة على إدارة البلاد". هجومه لم يكن موجّهًا ضد السياسات فحسب، بل شكّل طعنًا في القيم التي تدّعي إسرائيل أنها تقوم عليها، مثل احترام الحياة المدنية، والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.


تصريحات غولان جاءت في لحظة حرجة تشهد فيها إسرائيل حربًا مفتوحة في غزة منذ أشهر، وسط تصاعد الضغوط الدولية عليها بسبب أعداد الضحايا المدنيين، خصوصًا الأطفال. وعلى الرغم من أن غولان ليس غريبًا عن إطلاق مواقف مثيرة للجدل—فقد سبق أن قارن إسرائيل بالنازيين في تصريحات سابقة عندما كان في الجيش—إلا أن وصفه قتل الأطفال بأنه "هواية" شكّل تصعيدًا لغويًا غير مسبوق في الخطاب السياسي الداخلي.


ردود الفعل لم تتأخر، وجاءت من أعلى المستويات. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتهم غولان بالتحريض ضد "جنودنا الأبطال"، واعتبر تصريحاته تجاوزًا لكل الخطوط الحمراء.

ووصف الجيش الإسرائيلي بأنه "الأكثر أخلاقية في العالم"، في محاولة واضحة لاستعادة الهيبة الأخلاقية للجيش في وجه الانتقادات المتنامية.
أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد لجأ إلى مقارنة غولان بحركة "حماس"، قائلاً إنه "استلهم خطابها"، في تلميح يُقصد به نزع الشرعية عن غولان ووسمه بالخيانة.

بدوره، وصف وزير الاتصالات شلومو كرحي، غولان بالإرهابي الذي "يقوّض الديمقراطية"، فيما ذهب وزير الخارجية جدعون ساعر إلى التحذير من تداعيات دولية، قائلاً إن هذه التصريحات "تؤجج معاداة السامية في العالم".
ومن جهة التعليم، قال الوزير يوآف كيش إن اتهام الجيش بقتل الأطفال "ليس نقدًا بل تحريض خطير"، في إشارة إلى أن الهجوم على الجيش لم يعد يُرى كجزء من النقاش السياسي الطبيعي، بل كجريمة تستحق الإدانة.

شرخ عميق

ما يجري هنا يتجاوز خلافًا شخصيًا أو حتى حزبيًا. إنه تعبير عن شرخ عميق في الرؤية حول ما تعنيه "الأخلاق" و"الديمقراطية" في دولة تتورط في حرب طويلة، بينما تسعى للحفاظ على صورة دولة عصرية أمام العالم. غولان يمثل صوتًا أقلويًا داخل التيار السياسي الإسرائيلي، لكنه يحمل قلقًا حقيقيًا من أن سياسات الحكومة الحالية تقود البلاد إلى عزلة دولية متزايدة، وربما نحو فقدان الدعم التقليدي من حلفاء تاريخيين، خصوصًا في الغرب.
من ناحية أخرى، فإن ردة الفعل العنيفة من أركان الحكومة تعكس خوفًا واضحًا من تصاعد الأصوات المعارضة داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، خاصة إذا بدأت تتسرب إلى دوائر أوسع في الجيش أو الإعلام. الاتهامات المضادة التي وُجهت لغولان—من "الخيانة" إلى "الإرهاب الخطابي"—ليست فقط محاولة لإسقاطه سياسيًا، بل أيضًا محاولة لضبط حدود المسموح والممنوع في زمن الحرب.

موضوعات متعلقة