ماليزيا وصرخة الضمير الآسيوي.. بين ازدواجية المعايير وصمت القانون الدولي تجاه غزة

في موقف سياسي وإنساني صريح، عبّر وزير خارجية ماليزيا، محمد حسن، عن إدانة بلاده الشديدة لما وصفه بـ"الفظائع" التي تُرتكب بحق المدنيين في قطاع غزة، معتبراً أن هذه الجرائم تكشف عن واقع مؤلم من "اللامبالاة وازدواجية المعايير" التي تحكم تعاطي المجتمع الدولي مع معاناة الشعب الفلسطيني. هذه التصريحات، التي جاءت خلال اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، لم تكن مجرد إدانة عابرة، بل حملت في طياتها دلالات سياسية وأخلاقية مهمة، خصوصاً في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر في القطاع.
وأشار محمد حسن إلى أن ما يحدث في غزة هو انعكاس مباشر لتآكل حرمة القانون الدولي، وهو تعبير عميق يسلّط الضوء على ما يبدو أنه تراجع حاد في الالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، وغياب أدوات الردع الفعالة التي من المفترض أن تحمي المدنيين في مناطق النزاع. ويأتي هذا التوصيف في توقيت حرج قبيل انعقاد قمة "آسيان" في كوالالمبور، حيث تتصاعد دعوات دولية لوقف العدوان، وسط فشل دولي واضح في اتخاذ إجراءات رادعة.
عجز المجتمع الدولي
وفي ظل استمرار إسرائيل في قصفها المكثف لغزة خلال شهر مايو، و رغم التخفيف الجزئي للحصار المفروض منذ 2 مارس، فإن الاحتياجات الإنسانية في القطاع ما زالت هائلة، بينما تقف المساعدات الدولية عاجزة عن سد الفجوة، و هو ما يعمّق الأزمة أكثر.
من خلال تأكيده على أن "آسيان لا يمكن أن تظل ملتزمة الصمت"، دعا وزير الخارجية الماليزي الدول الأعضاء إلى تجاوز البيانات الإنشائية و اتخاذ مواقف أكثر فاعلية في المحافل الإقليمية والدولية. يُذكر أن رابطة "آسيان" كانت قد أعلنت في فبراير دعمها الصريح للحقوق الفلسطينية، إلا أن التحولات على الأرض تستدعي – حسب وجهة نظر كوالالمبور – ترجمة هذا الدعم إلى خطوات ملموسة.
لا علاقات دبلوماسية بإسرائيل
ماليزيا، الدولة ذات الغالبية المسلمة والتي لا تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، لطالما اتخذت موقفاً داعماً للحقوق الفلسطينية، لا سياسياً فقط، بل على مستوى الدعم الإنساني كذلك، حيث قدمت منذ أكتوبر 2023 مساعدات تجاوزت قيمتها 10 ملايين دولار لغزة، ما يعكس التزاماً عملياً لا يقتصر على الخطاب السياسي.
هذا الموقف الماليزي يُعدّ تجسيداً لصرخة ضمير تمثل شريحة واسعة من شعوب ودول العالم غير الغربية، التي ترى في صمت المؤسسات الدولية نوعاً من التواطؤ، وفي ازدواجية المعايير الغربية خيانة لقيم العدالة وحقوق الإنسان.
ضحايا العدوان الإسرائيلي
أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بأن حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر 2023 قد ارتفعت إلى 53,901 شهيدًا و122,593 مصابًا، في ما وصفته بـ"حرب الإبادة الجماعية" على القطاع.
تشير التقارير إلى أن الغالبية العظمى من الضحايا هم من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة. كما أن البنية التحتية للقطاع، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، تعرضت لأضرار جسيمة، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
تأتي هذه الأرقام في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان القطاع المحاصر.
من الجدير بالذكر أن هذه الحصيلة تُعد من أعلى الأرقام المسجلة في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتدخل دولي فعال لوقف نزيف الدم وضمان حماية المدنيين.