الأونروا تحذر من تصعيد القصف الإسرائيلي وتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

في مشهد متكرر من المأساة المستمرة التي يعيشها قطاع غزة، أُعلن صباح الأحد عن مقتل تسعة فلسطينيين في سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، وذلك منذ فجر اليوم نفسه، بحسب ما أفاد به تلفزيون "الأقصى". ومن بين الضحايا، كان الصحافي الفلسطيني حسان مجدي أبو وردة، الذي استشهد مع عدد من أفراد أسرته نتيجة قصف استهدف منزلهم في منطقة جباليا النزلة شمال القطاع.
ويُعد استشهاد أبو وردة حلقة جديدة في سلسلة استهداف الصحافيين خلال الحرب المستعرة على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث أفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن عدد الصحفيين الذين قُتلوا منذ بداية الحرب ارتفع إلى أكثر من 221 صحفياً، فيما جُرح واعتُقل المئات.
هذا الرقم الصادم لا يعكس فقط حجم الخسارة البشرية في القطاع الإعلامي، بل يُشير أيضاً إلى استهداف واضح وممنهج للكوادر التي تنقل الحقيقة من الميدان، في خرق صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني التي تضمن حماية الصحافيين أثناء النزاعات.
تصاعد التحذيرات الإنسانية
في سياق متصل، تتصاعد التحذيرات الإنسانية بشأن الوضع في القطاع، إذ أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن الوضع الإنساني في غزة على شفير الانهيار الكامل. وفي منشور لها على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أوضحت الأونروا أن الحد الأدنى المطلوب يومياً لتفادي تفاقم الكارثة هو ما بين 500 إلى 600 شاحنة مساعدات تدخل القطاع بإدارة الأمم المتحدة. كما حذرت من أن أي تأخير إضافي في إيصال المساعدات سيزيد من المعاناة الإنسانية، خاصة في ظل نفاد المواد الغذائية والطبية، وانهيار البنية التحتية الصحية والمعيشية.
من جهة أخرى، كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن تصعيد عسكري كبير على الأرض، إذ أكدت أن الجيش الإسرائيلي قام بنشر جميع ألوية المشاة والمدرعات العاملة فعلياً في قطاع غزة، بما يشمل ألوية غولاني، والمظليين، وغيفعاتي، والكوماندوز، وكفير، وناحال، إلى جانب وحدات من قوات الاحتياط. وتُعد هذه الخطوة مؤشراً واضحاً على نية إسرائيل مواصلة العمليات البرية بشكل مكثف، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي أو تهدئة قريبة.
ويؤكد ذلك ما صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي أشار إلى أن إسرائيل تمارس حصاراً خانقاً منذ 84 يوماً متواصلاً، عبر إغلاق جميع المعابر وتنفيذ سياسة تجويع جماعي ممنهجة، تُصنّف بحسب القانون الدولي ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
كما أشار البيان إلى أن الاحتلال يمنع إدخال المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية والوقود، ما أدى إلى شلل شبه تام في المرافق الحيوية، وفي مقدمتها المستشفيات والمخابز التي يعتمد عليها السكان في الحد الأدنى من مقومات البقاء.
ويُضاف إلى ذلك أن الشاحنات القليلة التي يُسمح لها بالدخول تُجبر على السير في طرق خطرة تخضع لمراقبة الطائرات المُسيّرة الإسرائيلية، ما يُعرّضها لعمليات نهب من جماعات مسلحة، ويُقوّض قدرتها على الوصول الآمن. كما لفت المكتب الإعلامي إلى أن المنظمات الدولية باتت مُقيّدة في توزيع المساعدات مباشرة على المدنيين، مما يزيد من تعقيد الأزمة الغذائية.
مشهد دموي
وفي ضوء هذا المشهد الدموي، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ارتفع إلى نحو 54 ألف قتيل منذ أكتوبر 2023، في حصيلة تعكس حجم الفاجعة التي يعانيها سكان غزة، في ظل عجز دولي عن وقف آلة الحرب، أو حتى تأمين الحد الأدنى من الحماية للمدنيين.
تكشف هذه الوقائع عن ترابط مأساوي بين التصعيد العسكري، واستهداف الإعلاميين، والانهيار الإنساني، ما يرسم صورة لوضع كارثي يتجاوز مجرد كونه أزمة إنسانية ليصبح مأساة إنسانية شاملة تدفع ثمنها الفئات الأكثر ضعفاً: المدنيون، الصحافيون، الأطفال، والمرضى. وفي ظل استمرار الحصار ومنع المساعدات، تبدو غزة وكأنها تُترك لتواجه قدرها منفردة، وسط مجتمع دولي مشلول، ومتواطئ بالصمت.