اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
الجيش السوداني يبدأ مرحلة جديدة من الحرب الأهلية بهجوم جوي على كردفان المقابر الجماعية في الصالحة.. جريمة صامتة تكشف فصولاً مرعبة من النزاع السوداني 7 معلومات عن منفذ حادث المتحف اليهودي في واشنطن ..تعرف عليها معركة المياه.. تصعيد هندي باكستاني جديد يهدد بتفجير أزمة إقليمية «سي آي إيه»: الصين تهديد وجودي والريادة التكنولوجية باتت معركة أمن قومي بعد تفكيك USAID.. هل يستطيع مكتب اللاجئين قيادة الاستجابة الإنسانية الأمريكية؟ إلياس رودريجيز.. من نضال الأقليات إلى رصاص العنف السياسي نار التهجير وهدم الوجود.. تصعيد ممنهج لسياسات الإبادة والاقتلاع في فلسطين إسرائيل تشتعل غضباً.. المعارضة: نتنياهو يقودنا لنصبح دولة منبوذة بين نسور السماء وآفاق التنمية.. قراءة تحليلية في دلالات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة إلى مصر من الخطاب إلى الرصاص.. وزير إسرائيلي يتهم المعارضة بتأجيج معاداة السامية بعد هجوم واشنطن نتنياهو: سنعزز الأمن في السفارات الإسرائيلية حول العالم لمواجهة الكراهية

من الخطاب إلى الرصاص.. وزير إسرائيلي يتهم المعارضة بتأجيج معاداة السامية بعد هجوم واشنطن

حادث
حادث

في مؤشر خطير على تصاعد المخاطر التي تواجه البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية حول العالم، شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن حادثة دامية تمثلت في مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية بهجوم مسلح وقع في محيط المتحف اليهودي. وقد استدعى الحادث تحركاً سريعاً من قبل السلطات الأمريكية، حيث باشرت وكالة التحقيقات الفيدرالية (FBI) فتح تحقيق رسمي في القضية، مصنفةً الهجوم كـ"جريمة كراهية محتملة"، ما يعكس حجم القلق الرسمي من الخلفيات الأيديولوجية والسياسية التي قد تكون دافعة لهذا العمل العنيف.


اللافت في تطورات الحادثة أن المشتبه به، الذي ألقي القبض عليه فور وقوع الهجوم، أطلق شعارات مؤيدة للفلسطينيين أثناء توقيفه، ما يضفي على الجريمة طابعاً سياسياً صريحاً، يتجاوز حدود الفعل الفردي ليضعها ضمن سياق أشمل من التوترات الجيوسياسية المحيطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتثير هذه الحادثة تساؤلات جدية حول انعكاسات الحرب في غزة وتنامي مشاعر الغضب إزاء السياسات الإسرائيلية، لا سيما في أوساط الجاليات والنشطاء المناصرين للقضية الفلسطينية في الغرب.


كما تفتح هذه الجريمة الباب أمام إعادة تقييم الإجراءات الأمنية حول المقرات الدبلوماسية الإسرائيلية في العواصم الغربية، خاصة في ظل تصاعد التظاهرات المناهضة لإسرائيل في عدة مدن أمريكية وأوروبية، وتحول بعضها إلى بؤر توتر عنيف.


يبدو أن مقتل الموظفين الإسرائيليين ليس حادثاً معزولاً، بل مؤشر على تصدع أعمق في المشهد السياسي والأمني العالمي، حيث لم تعد الحدود الجغرافية للصراع محصورة في الشرق الأوسط، بل باتت تتجلى بوضوح في شوارع الغرب، حاملةً معها توترات مشحونة بالأيديولوجيا والدين والسياسة.


اتهامات للمعارضة

في هذا السياق المتوتر، أدلى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن جفير، بتصريحات مثيرة للجدل، إذ لم يكتف بتحميل المسؤولية للجاني، بل ذهب أبعد من ذلك باتهام مباشر للمعارضة اليسارية في الداخل الإسرائيلي، وتحديداً لرئيس الحزب الديمقراطي الإسرائيلي، يائير جولان.

وقال بن جفير إن معاداة السامية العالمية تستمد "قوتها من سياسيين أشرار في إسرائيل"، في إشارة إلى تصريحات جولان الأخيرة التي اتهم فيها الجيش الإسرائيلي بـ"قتل الأطفال كهواية".

تصريحات جولان جاءت قبل يومين من الهجوم، في مقابلة إذاعية عبر "كان بيت"، حيث حذّر من أن إسرائيل تتجه نحو عزلة دولية مشابهة لوضع جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري، ما لم تتوقف عن استهداف المدنيين وسياسات التهجير. كما اتهم الحكومة الحالية بأنها "تفتقر إلى الأخلاق" وتغص بـ"المنتقمين" غير القادرين على إدارة الأزمات.

شرخ في الداخل الإسرائيلي

تكشف هذه التصريحات المتبادلة بين طرفي الطيف السياسي الإسرائيلي – اليمين المتشدد ممثلاً ببن جفير، واليسار المعارض ممثلاً بجولان – عن عمق الشرخ الداخلي الذي تعاني منه إسرائيل، والذي يتجاوز مجرد الخلاف السياسي ليصل إلى تبادل الاتهامات بالتسبب في سفك الدماء. هذا الانقسام لا يؤثر فقط على الخطاب الداخلي، بل يمتد أثره إلى صورة إسرائيل على الساحة الدولية، في وقتٍ تواجه فيه تصاعداً في الانتقادات بسبب سياساتها في غزة والضفة الغربية، وتزايد حوادث العنف المعادية لليهود في الخارج.


من منظور أمني وسياسي، يضع هذا الحدث الحكومة الإسرائيلية أمام اختبار دقيق، إذ يتطلب التعامل مع تهديدات خارجية ذات طابع أيديولوجي – كجريمة واشنطن – بالتوازي مع احتواء الانفجار الداخلي في الخطاب السياسي الذي يهدد بتقويض الإجماع الوطني، خاصة في أوقات الأزمات.
وبينما تتقدم التحقيقات في الحادث، يبقى التساؤل قائماً: إلى أي مدى يمكن للانقسام السياسي الإسرائيلي أن يسهم في تأجيج العنف ضد مواطنيها وممثليها في الخارج؟ وهل بات الصراع الداخلي وقوداً إضافياً لخصومها الإقليميين والدوليين؟
هذا الحادث يعكس، ليس فقط هشاشة الوضع الأمني، بل أيضاً مدى عمق الجرح السياسي في إسرائيل، حيث بات الخطاب الإعلامي والسياسي أداةً خطيرة لتبادل اللوم، حتى في وجه المآسي التي يفترض أن توحّد الصفوف لا أن تمزقها.

موضوعات متعلقة