كوريا الجنوبية على صفيح ساخن.. محاكمة رئيس سابق بتهمة التمرد وتداعياتها على مستقبل الديمقراطية

في تطور سياسي وقضائي بالغ الحساسية، مثل الرئيس الكوري الجنوبي السابق يون سوك يول، اليوم الاثنين، أمام محكمة سول المركزية لحضور الجلسة الرابعة من محاكمته بتهمة التمرد، في قضية تهدد ليس فقط مصيره السياسي، بل استقرار البلاد عشية انتخابات رئاسية مصيرية.
وصل يون إلى المحكمة في شاحنة سوداء وسط إجراءات أمنية مشددة، دون الإدلاء بأي تصريحات للصحفيين، وفق ما أفادت وكالة يونهاب الرسمية. وتأتي هذه المحاكمة في لحظة شديدة التوتر، حيث من المقرر أن تُجرى الانتخابات لاختيار رئيس جديد للبلاد في الثالث من يونيو المقبل، أي بعد أسبوعين فقط، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والشارع المنقسم أساسًا حول شرعية عزله.
تعود جذور الأزمة إلى إعلان يون الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر الماضي، بدعوى تهديد "الأمن القومي والنظام الديمقراطي" على خلفية احتجاجات شعبية حاشدة. إلا أن خصومه السياسيين والعديد من المراقبين اعتبروا هذا الإعلان محاولة للانقلاب على النظام الدستوري، ما دفع البرلمان لعزله من منصبه بعد تصويت استثنائي في جلسة طارئة.
النيابة العامة توجه له تهمة التمرد ومحاولة تقويض الدستور باستخدام سلطاته العسكرية، وهي تهمة خطيرة في القانون الكوري يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة أو حتى الإعدام، وهو ما يثير أسئلة صعبة حول مستقبل العدالة الانتقالية في البلاد، ومدى قدرة المؤسسات الكورية على محاسبة رموز السلطة من دون تسييس القضاء.
ومن المتوقع أن تُلقي هذه المحاكمة بظلال ثقيلة على الحملات الانتخابية، إذ يستغل المعارضون القضية للتشكيك في عمق المؤسسات الديمقراطية، بينما يحذر مؤيدو يون من أن ما يجري هو "محاكمة سياسية" تهدف إلى تصفية حسابات.
سياقات المشهد السياسي في كوريا الجنوبية
البعد السياسي: القضية تمثل لحظة مفصلية في اختبار التوازن بين السلطة المدنية والعسكرية في كوريا الجنوبية، التي رغم تقدمها الديمقراطي، لا تزال تحمل جراح ماضيها السلطوي.
البعد القانوني: توجه تهمة التمرد إلى رئيس سابق أمر نادر في الديمقراطيات المستقرة، ما قد يُحدث سابقة قانونية سيكون لها تبعات على موقع الرئاسة والمؤسسة العسكرية مستقبلاً.
البعد الشعبي: تترنح ثقة المواطن الكوري بين مؤسسات الحكم والقضاء، ويخشى الكثيرون من أن يتحول القضاء إلى ساحة تصفية سياسية بدل أن يكون حَكمًا دستوريًا نزيهًا.
كوريا الجنوبية تقف اليوم أمام لحظة اختبار، إما أن تنتصر لقيم القانون والديمقراطية بإجراءات شفافة ومحاكمة عادلة، أو أن تغرق أكثر في دوامة الانقسام السياسي الذي قد يُضعف مناعتها المؤسسية أمام تحديات إقليمية واقتصادية كبيرة.