غزة والضفة في مرمى التصعيد.. تصعيد دموي بالقطاع وحصار ميداني بنابلس

تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا قطاع غزة والضفة الغربية، موجة جديدة من التصعيد الإسرائيلي الدموي، اتسمت باستهداف مكثف للبنية السكنية والمدنية وبتكتيكات ميدانية شديدة التعقيد، تطرح أسئلة ملحة حول مستقبل الوضع الإنساني والأمني في المنطقتين.
شهد قطاع غزة، فجر اليوم الجمعة، تصعيدًا عنيفًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفر عن استشهاد 9 مواطنين، من بينهم نساء وأطفال، إلى جانب وقوع عدد من الجرحى، في قصف طال مناطق سكنية مكتظة بالمدنيين في وسط وشمال القطاع.
غارات على المنازل
ووفقًا لمصادر محلية، فإن طائرات الاحتلال شنت غارات على منزل في محيط النادي الأهلي بحي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والمصابين. وفي بيت لاهيا، استهدفت الغارات أراضي زراعية، في تكرار لسياسة تدمير البنية الزراعية كمصدر من مصادر الصمود الشعبي.
كما شملت الغارات الجوية مناطق في حي الزيتون وحي التركمان شرق مدينة غزة، باستخدام طائرات استطلاع من نوع "كواد كابتر"، مما يؤكد تعمّد الاحتلال استخدام أساليب استهداف دقيقة ضمن بيئات مدنية.
ومن أخطر الهجمات التي وثّقتها المصادر، قصف منزل المواطن خليل أبو زينة في مخيم البريج وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد سبعة من أفراد العائلة وسكان المنزل، من بينهم خليل أبو زينة، وزوجته نعمة، وابنهما أحمد، إلى جانب إسلام دهبش، والمُسنة هدى فايد، بالإضافة إلى شهيدين آخرين لم تُعرف هويتهما بعد نتيجة تهشم الأجساد.
وامتد القصف المدفعي إلى مناطق شرق مخيم البريج وشمال مخيم النصيرات، مستهدفًا أطراف المناطق السكنية والبنية التحتية للبلدات، بما في ذلك شبكات الطرق والخدمات الأساسية.
وفي جنوب القطاع، وتحديدًا في خان يونس، شنت طائرة مروحية غارة على شقة سكنية في حي الشيخ ناصر، مما أسفر عن إصابة ثلاثة مدنيين، بينهم سيدة ورضيع، في مشهد مأساوي يتكرر يوميًا. كما أُصيبت أم وطفلاها في غارة استهدفت منزلًا في منطقة الشحايدة شرق بلدة عبسان الكبيرة، فيما طال القصف أيضًا أطراف حي المنارة جنوب خان يونس.
أما في رفح، فقد قامت قوات الاحتلال بتفجير مربعات سكنية كاملة في منطقة مصبح شمال المدينة، في ما يبدو كجزء من استراتيجية ممنهجة لتدمير الأحياء السكنية وتهجير سكانها قسرًا.
وبحسب إحصاءات طبية رسمية، ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الأخيرة إلى 38 شهيدًا، 9 منهم ارتقوا منذ فجر اليوم فقط، في مؤشر على تصعيد جديد يُنذر بتدهور إنساني وأمني أكبر.
الاحتلال يحاصر منزلاً في مخيم بلاطة
في تصعيد ميداني جديد، حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم الجمعة منزلاً عند مدخل مخيم بلاطة شرقي نابلس، شمال الضفة الغربية، ضمن عملية عسكرية مفاجئة أثارت حالة من التوتر في المنطقة.
وذكرت مصادر محلية أن وحدة إسرائيلية خاصة تسللت إلى محيط المخيم، وبدأت عملية الحصار لمنزل يقع على مشارفه، قبل أن تلتحق بها تعزيزات عسكرية من آليات وجنود الاحتلال، في خطوة تشير إلى عملية مداهمة مخطط لها مسبقًا.
وبحسب الشهود، فرضت قوات الاحتلال طوقًا أمنيًا شاملاً على المخيم، حيث أغلقت جميع مداخله ومخارجه، مانعةً حركة السكان والسيارات، ما أدى إلى شلّ الحياة اليومية في المنطقة.
وفي تطور مقلق، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنها تلقت بلاغًا بوجود فتاة مصابة داخل المنزل المحاصر، غير أن قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف من الوصول إلى موقع الإصابة، ما يزيد من مخاطر تدهور حالتها الصحية.
تأتي هذه المداهمة في سياق متكرر من عمليات الاقتحام الإسرائيلية المتصاعدة لمخيمات الضفة الغربية، خاصة مخيم بلاطة، الذي شهد مرارًا مواجهات دامية واقتحامات عنيفة، ويُعد من أكثر المناطق كثافة سكانية وتوترًا في نابلس.
العملية تعكس استمرار سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها قوات الاحتلال، ليس فقط عبر الحصار والاقتحام، بل أيضًا من خلال تعطيل وصول الخدمات الطبية، ما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني الذي يوجب حماية المدنيين وتسهيل عمل الفرق الطبية أثناء النزاعات.