ترامب يستبق بايدن.. هيمنة مبكرة تثير ارتباك الديمقراطيين في فترة الانتقال الرئاسي
رغم أن دونالد ترامب لن يتولى منصبه رسميًا إلا في 20 يناير 2025، إلا أنه بدأ بالفعل بممارسة مهامه بشكل فعلي في العديد من القضايا السياسية، مما أثار غضب العديد من الديمقراطيين. وقد أظهرت هذه الفترة الانتقالية بشكل واضح الفجوة بين ترامب الذي بدأ في تحريك عجلة السياسة الأمريكية من خلال تحركات دبلوماسية وسرعة في تشكيل الحكومة، وجو بايدن الذي ظل بعيدًا عن الأضواء طوال فترة الانتقال، ما ألقى بظلاله على الحزب الديمقراطي الذي يواجه حالة من الغموض والارتباك السياسي.
ومع تسارع الأحداث في الساحة الدولية، سافر ترامب إلى باريس حيث التقى بكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وكان من اللافت أن بايدن، الذي ظل في واشنطن، لم يظهر علنًا في تلك الفترة إلا بعد يوم كامل من تصريحات ترامب عن الوضع في سوريا، حيث كتب على الإنترنت: "هذه ليست معركتنا"، وهي تصريحات أحدثت تباينًا كبيرًا في ردود الفعل حول دور الرئيس المنتهية ولايته.
ويأتي ذلك في وقت بدأ فيه ترامب بفرض سيطرته على الأجندة السياسية في الولايات المتحدة، حيث اتخذ خطوات جريئة في تشكيل حكومته الجديدة. وظهر أن ترامب لا يضيع وقتًا في إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية من خلال تعيين كبار موظفيه بسرعة استثنائية، وهو ما ساعده على الاستحواذ على اهتمام وسائل الإعلام. وفي الوقت نفسه، بدأ ترامب في اتخاذ خطوات تجاه عدد من القضايا الدولية مثل التعريفات الجمركية، وهو ما أثار قلق جيرانه في كندا والمكسيك، وأيضًا في علاقة الولايات المتحدة بدول أخرى.
ومقابل هذه التحركات السريعة لترامب، ظل جو بايدن بعيدًا عن المشهد بشكل لافت. فقد بقي في واشنطن، حيث لم يظهر علنًا إلا بعد مضي فترة من تصريحات ترامب حول الأوضاع الدولية. وفي حين أظهر باراك أوباما، الرئيس الأسبق، حضوره القوي في فترة انتقال السلطة بعد فوز ترامب في انتخابات 2016، فإن بايدن اختار التصرف بنهج أكثر هدوءًا في الفترة الانتقالية، وهو ما لم يلق قبولًا من بعض أعضاء الحزب الديمقراطي الذين شعروا أن هذا النهج أدى إلى ترك فراغ سياسي ساهم في تعزيز حضور ترامب.
ويعكس هذا الغياب السياسي لبايدن حالة من الارتباك الداخلي في الحزب الديمقراطي، حيث يبدو أن الحزب يواجه صعوبة في بلورة رد فعل موحد تجاه التحركات السياسية السريعة لترامب. ومن جانبهم، أشار العديد من الديمقراطيين إلى أن هذه الفترة الانتقالية تمثل فرصة ضائعة لحزبهم في مواجهة ترامب بشكل فعّال.
وفي هذا السياق، وصف أسامة أندرابي، المتحدث باسم مجموعة الديمقراطيين "العدالة التقدمية"، هذه الفترة بأنها "أسوأ فترات البطة العرجاء"، وهو مصطلح يُستخدم لوصف فترة ما قبل مغادرة الرئيس المنتهية ولايته منصبه. وأضاف أن الديمقراطيين في هذه المرحلة قد أهدروا فرصة ثمينة في التصدي لتحركات ترامب، ما أتاح له الهيمنة على الأخبار والاهتمام العام.
هذا الفراغ السياسي الذي يعيشه الحزب الديمقراطي دفع العديد من الشخصيات داخل الحزب للتساؤل عن كيفية التعامل مع إدارة ترامب المقبلة. واعتبر جيسي فيرجسون، الاستراتيجي الديمقراطي، أنه لا يمكن مواجهة ترامب من خلال التصريحات الغاضبة أو التغريدات العشوائية، بل يجب التركيز على إظهار عواقب أجندته على الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة. في حين شدد على ضرورة تقويض فكرة فوز ترامب بتفويض شعبي قوي، مستندًا إلى حقيقة أن فوزه في التصويت الشعبي كان ضيقًا للغاية.
وفيما يتعلق بتشكيل إدارة ترامب الجديدة، أبدى العديد من الديمقراطيين تحفظًا على بعض الترشيحات، معبرين عن مخاوفهم من أن بعض هذه الترشيحات قد لا تتماشى مع المعايير المناسبة لتولي المناصب الحكومية. ومع ذلك، امتنع معظمهم عن توجيه انتقادات مباشرة لهذه الترشيحات، وفضلوا أن تكون تحذيراتهم أكثر دبلوماسية، مشيرين إلى أن ترامب وفريقه قد يعرضون البلاد لعدد من المخاطر عبر تعيين أشخاص غير مؤهلين.
بالمجمل، تعكس هذه الفترة الانتقالية حالة من الارتباك والتوتر في المشهد السياسي الأمريكي، مع تزايد القلق داخل الحزب الديمقراطي بسبب غياب القيادة الواضحة، وفي الوقت نفسه استمرار ترامب في تنفيذ خططه بسرعة كبيرة، مما جعله يهيمن على الأحداث السياسية في البلاد.