مصر تحذّر من تداعيات التصعيد في إيران.. دعوة للحوار لمنع الانزلاق الإقليمي

في موقف يعكس حرصها على استقرار الإقليم ومنع تفاقم الأزمات، أعربت جمهورية مصر العربية، اليوم الأحد، عن قلقها العميق إزاء التطورات المتسارعة في إيران، والتي تثير مخاوف جدية من تداعيات أمنية قد تتجاوز الحدود الإيرانية لتطال الأمن والسلم الإقليمي والدولي. جاء ذلك في بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية والهجرة المصرية، عبّر عن رفض القاهرة القاطع لأي مساس بمبادئ القانون الدولي أو خرق لميثاق الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بمبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
البيان المصري لم يكتفِ بالإدانة، بل حمل في طياته نبرة تحذيرية من مخاطر الانزلاق إلى دوامة من الفوضى والتوتر، في وقت تتعاظم فيه التحديات الأمنية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط. وفي ظل التصعيد المتبادل بين أطراف إقليمية ودولية، تبدو القاهرة حريصة على تذكير الجميع بأن الخيار العسكري ليس سوى طريق إلى المجهول، وأن المسار السياسي، القائم على الحوار والدبلوماسية، هو السبيل الوحيد الممكن لتسوية النزاعات بشكل دائم ومستدام.
ولم تغفل مصر، في بيانها، عن التبعات الإنسانية لأي تصعيد عسكري محتمل، حيث أكدت على ضرورة تغليب لغة العقل والحوار، وضبط النفس، حمايةً لأرواح المدنيين وصونًا لاستقرار المنطقة التي باتت تقف على حافة تصعيد قد تتجاوز تبعاته الحدود الجغرافية لتصبح أزمة دولية بكل المقاييس.
في هذا السياق، يمكن قراءة الموقف المصري كنداء مزدوج: الأول موجه إلى أطراف النزاع في إيران والمحيط الإقليمي، لضبط النفس وتغليب التفاوض؛ والثاني إلى المجتمع الدولي، بضرورة الاضطلاع بمسؤولياته لمنع اندلاع أزمة جديدة في منطقة تعاني أصلًا من هشاشة أمنية وتداخلات استراتيجية معقدة.
يُظهر هذا الموقف ثبات مصر على مبادئها في السياسة الخارجية، القائمة على احترام السيادة، ونبذ العنف، والدعوة إلى الحلول السلمية. كما يعكس قلقًا مشروعًا من تحوّل التصعيد الجاري إلى صراع إقليمي واسع، يهدد بنسف ما تبقى من استقرار في منطقة مشتعلة أصلًا بالعديد من الأزمات المزمنة.
الضربة الأمريكية لإيران.. عشرة مخاطر تهدد مستقبل المنطقة
أطلقت الضربة الأميركية الأخيرة شرارة أزمة أمنية وسياسية متصاعدة، وضعت الشرق الأوسط على حافة حرب إقليمية قد تتجاوز حدود الجغرافيا والنفوذ التقليدي. وفيما يلي تحليل تفصيلي لأبرز عشرة مخاطر محتملة نجمت عن هذه العملية:
1. انفجار التصعيد العسكري الإقليمي
جاءت الضربة كمن يفتح صندوق باندورا في قلب المنطقة؛ إذ يُنتظر أن ترد إيران، إما بشكل مباشر أو عبر أذرعها المسلحة المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. مثل هذا الرد قد يؤدي إلى دورة مفتوحة من الضربات المتبادلة، تتسع تدريجيًا لتشمل مناطق استراتيجية مثل الخليج العربي، وتهدد بانزلاق المنطقة إلى حرب شاملة متعددة الجبهات.
2. استهداف المصالح الأميركية في الميدان
الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط لم يكن يومًا بعيدًا عن دائرة الاستهداف، لكنه اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى خطر فعلي. فإيران ألمحت صراحة إلى نيتها مهاجمة القواعد الأميركية في كل من قطر، البحرين، والإمارات، ما يعني تعريض حياة آلاف الجنود والمنشآت الحيوية لخطر محدق قد يقلب ميزان المعادلة.
3. تهديد أمن الطاقة العالمي
الرد الإيراني قد يتخذ شكل ضربة مزدوجة: عسكرية واقتصادية. فمن خلال تهديد الملاحة في مضيق هرمز — الشريان الرئيسي لصادرات النفط العالمية — أو مهاجمة منشآت الطاقة في الخليج، قد تدفع إيران الأسواق العالمية إلى فوضى نفطية جديدة، مع ارتفاع حاد في الأسعار واضطراب سلاسل الإمداد، مما ينذر بأزمة اقتصادية عالمية.
4. صعود نجم المتشددين داخل إيران
بعيدًا عن إضعاف النظام، قد تؤدي الضربة إلى توحيد الداخل الإيراني خلف قيادته، وتعزيز شرعية التيارات المتشددة التي تنظر بعين الريبة لأي مسعى للحوار مع الغرب. ذلك يعني عمليًا إغلاق النوافذ القليلة المتبقية أمام الإصلاح أو الانفتاح السياسي.
5. انسداد الأفق التفاوضي
كانت هناك جهود، وإن متعثرة، لإعادة تفعيل مسار التفاوض بين إيران والولايات المتحدة، خصوصًا بشأن الملف النووي. لكن الضربة وجهت ضربة قاضية لهذا المسار، وأعادت الجميع إلى مربع “منطق السلاح”، على حساب الدبلوماسية والعقلانية.
6. توازنات جديدة ومضطربة للقوى الإقليمية
ترى إسرائيل في هذه الضربة فرصة لتقليص النفوذ الإيراني وتحييد مشروعه النووي، لكنها قد تكون قد فتحت أيضًا بابًا أمام ردود فعل عنيفة من طهران وحلفائها، ما قد يؤدي إلى تعديل غير محسوب في موازين القوى، يدفع الجميع إلى حالة من الفوضى الأمنية المفتوحة.
7. تآكل الدعم الدولي لإسرائيل
في المدى القريب، قد تلتزم بعض القوى الغربية الصمت أو تمنح دعمًا تكتيكيًا لإسرائيل. لكن مع طول أمد المواجهة وتزايد أعداد الضحايا، خصوصًا المدنيين، ستزداد الضغوط الأخلاقية والسياسية على إسرائيل، وقد تجد نفسها معزولة أكثر من أي وقت مضى على الساحة الدولية.
8. تعميق الانقسام داخل السياسة الأميركية
الضربة لم توحد الداخل الأميركي، بل عمّقت الانقسام بين تيارات تنادي بالحسم العسكري وتلك التي ترى في الانخراط مجددًا في صراعات الشرق الأوسط خيانة لوعود إدارة ترامب السابقة. قد تتحول هذه الأزمة إلى ورقة انتخابية حاسمة في الداخل الأميركي.
9. تهديد استقرار دول عربية رئيسية
دول مثل السعودية، الإمارات، ومصر تتابع بقلق بالغ تصاعد التوترات، خشية أن تمتد النيران إلى أراضيها، سواء عبر هجمات أو موجات نزوح جماعي من مناطق الصراع. هذا الوضع يهدد بتقويض خطط التنمية والاستقرار التي وضعتها تلك الدول في المرحلة الراهنة.
10. حلقة تصعيد لا نهائية
التهديد الأخطر لا يكمن في الضربة بحد ذاتها، بل في منطق التصعيد التلقائي الذي تتبعه الأطراف المعنية. كل ضربة ستُقابل برد، وكل رد سيفتح بابًا لضربة أخرى، مما يهدد بدخول المنطقة في دوامة عنف يصعب التحكم فيها، مع احتمالات لانضمام أطراف دولية جديدة إلى مسرح النزاع.