اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بعد الضربة الأمريكية.. ترامب يحذر إيران من مخاطر التصعيد

ترامب
ترامب

شهدت الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران تصعيدًا خطيرًا مساء السبت، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ ضربات جوية استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية حساسة، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. هذا التصعيد المفاجئ، الذي وصفه ترامب بـ"الناجح جدًا"، حمل رسائل مزدوجة: عسكرية ردعية وسياسية انتخابية.
أبعاد الضربات العسكرية:
وفق ما نشره ترامب عبر منصة "تروث سوشيال"، فإن الهدف المعلن من الهجوم الأمريكي هو "تدمير قدرات تخصيب اليورانيوم الإيرانية ومنع أي تهديد نووي". ويبدو أن اختيار مواقع بعينها يعكس معرفة استخباراتية دقيقة، بالنظر إلى أن هذه المنشآت تمثل قلب البرنامج النووي الإيراني.
لكن إعلان ترامب أن "جميع الطائرات الآن خارج المجال الجوي الإيراني" يشير إلى أن العملية لم تكن طويلة أو ذات طابع احتلالي، بل محدودة زمنياً وموجهة بدقة، ما يدل على رغبة واشنطن في توجيه ضربة نوعية دون الانجرار إلى حرب شاملة.

التصعيد بلغة الإنذار


اللهجة التي استخدمها ترامب جاءت غير معتادة في توقيتها ومحتواها، إذ حذر بشكل علني إيران قائلاً:
"إيران طهران أن تصنع السلام الآن، وإلا سنلاحق أهدافاً أخرى".
وفي تغريدة لاحقة كتب:
"إما أن يكون هناك سلام أو مأساة بالنسبة لإيران أكثر بكثير من التي شهدناها في الأيام الثمانية الماضية".
هذه اللغة تحمل طابعاً تحذيرياً استباقياً، وتهدف إلى منع أي رد فعل إيراني محتمل قد يؤدي إلى توسيع رقعة المواجهة.

الرواية الإيرانية: نفي أم امتصاص للصدمة؟


في المقابل، التزمت إيران خطابًا رسميًا هادئًا نسبيًا، إذ نقلت وكالة "تسنيم" عن مسؤول لم يُسمّه أن "جزءاً من منشأة فوردو تعرض لهجوم"، في حين أكدت وكالة "إرنا" الرسمية أن المواقع المستهدفة "لا تحتوي على مواد إشعاعية".
هذا النفي الضمني للخسائر الفعلية يوحي برغبة طهران في امتصاص الصدمة دون التصعيد الفوري، مع ترك المجال مفتوحًا لرد محسوب لاحقًا، كما هي عادتها في إدارة الصراعات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

السياق الإقليمي: بين تل أبيب وطهران


الضربات الأمريكية تأتي بعد أيام من هجوم إسرائيلي واسع النطاق على أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية والإيرانية، بحجة "اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي". ورغم النفي الإيراني المتكرر، فإن التوقيت يُظهر نوعًا من التنسيق أو على الأقل التوازي بين تل أبيب وواشنطن في الضغط على طهران.


اللافت أن إسرائيل، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي يُعتقد أنها تملك ترسانة نووية (دون تأكيد رسمي)، لم تُصدر تعليقًا مباشرًا بعد الضربات الأمريكية، ما يزيد من احتمالية التواطؤ أو التوافق خلف الكواليس.


قراءة في التوقيت والدلالات


التصعيد الأخير لا يمكن فصله عن السياق السياسي الأمريكي الداخلي، خصوصاً أن ترامب يسعى للعودة إلى البيت الأبيض، وقد اختار التصعيد مع إيران كورقة ضغط داخلية وخارجية.


الرسائل السياسية من الضربة تتجاوز إيران إلى الداخل الأمريكي، حيث يظهر ترامب بمظهر القائد الحازم القادر على اتخاذ قرارات كبرى، في وقت يشهد انقسامًا سياسيًا داخليًا حادًا.