الضربات الإسرائيلية لإيران.. خسائر غير مباشرة على الجبهة الروسية في أوكرانيا

تشير الضربات الإسرائيلية الأخيرة على أهداف داخل إيران إلى تصعيدٍ إقليمي ذي امتدادات دولية تتجاوز حدود الشرق الأوسط. من بين المتأثرين غير المباشرين: روسيا، التي تخوض حربًا طويلة الأمد في أوكرانيا وتعتمد جزئيًا على الدعم العسكري الإيراني، خصوصًا في مجال الطائرات المسيّرة التي باتت أحد العناصر الحاسمة في ساحة المعركة.
في هذا السياق، يبرز تساؤل جوهري: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر هذه الهجمات على قدرة روسيا في أوكرانيا؟
تهديد مباشر لسلاسل التوريد العسكرية
يعتقد خبراء أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت صناعية في مدن كـ"شيراز" – التي تضم شركة شيراز للصناعات الإلكترونية المرتبطة بالحرس الثوري – قد تعرقل إنتاج أنظمة حيوية تشمل إلكترونيات الطيران، الرادارات، مكونات الصواريخ، وأجزاء من الطائرات المسيّرة. وبحسب الزميل الأمني كريستيان ألكسندر، فإن أي ضرر واسع النطاق على هذه المنشآت قد يؤدي إلى تقليص قدرة إيران على تصدير هذه المكونات إلى روسيا، مما يدفع الأخيرة إلى الاعتماد على بدائل محلية أقل تطورًا أو تسريع خطط تصنيع داخلي بديل.
تضييق الخناق على التعاون الإيراني–الروسي
تشير تقديرات الباحث جان مارك ريكلي إلى أن إيران، في ظل انشغالها بصَدّ الهجمات الإسرائيلية، قد تفقد القدرة على الاستمرار في دعم روسيا بنفس الوتيرة السابقة. ومع تصاعد الضغط العسكري عليها، تصبح أولوياتها الأمنية داخلية، ما يؤدي إلى فتور في مستوى التنسيق العسكري بين طهران وموسكو. كما أن وفاة قائد القوات الجوية الفضائية في الحرس الثوري، اللواء أمير علي حاجي زادة – الذي كان شخصية محورية في مشروع المسيّرات والدعم العسكري لروسيا – من شأنها أن تُحدث فراغًا استراتيجيًا على هذا المسار.
تصنيع محلّي.. ورقة التخفيف الروسية
لكن المعادلة ليست بهذه البساطة. فبحسب المحلل عمر الغصبي، فإن روسيا قد استبقت بعض هذه الأزمات بنقل جزء كبير من إنتاج الطائرات الإيرانية (مثل شاهد-136 التي تنتج محليًا باسم "جيران-2") إلى داخل أراضيها. رغم ذلك، تظل بعض المكونات الحرجة، كالمحرّك الإيراني MD-550، عُنصرًا يصعب تعويضه محليًا سريعًا. فالإنتاج الروسي، وإن كان نشِطًا، ما زال يعتمد جزئيًا على التقنية والمكونات الإيرانية، لا سيما في الجيلين الثالث والرابع من الطائرات المسيرة.
تأثير محدود لكن محسوس
يتوقع خبراء مثل ديفيد دي روش أن يكون تأثير الضربات على العمليات الروسية في أوكرانيا محدودًا، لكنه موجود. إذ قد تُحدث انخفاضًا في وتيرة الضربات العميقة أو تُعيق مرونة روسيا التكتيكية مؤقتًا. من جانبه، يرى المحلل أندرياس كريج أن المبالغة في تقدير التأثير تُغفل حقيقة أن المجمع الصناعي الروسي يتمتع بقدر كبير من الاكتفاء الذاتي، ولا يعتمد بشكل كلي على التكنولوجيا الإيرانية.
بينما لا يبدو أن الهجمات الإسرائيلية على إيران ستُحدث زلزالًا مباشرًا في توازن الحرب في أوكرانيا، إلا أن لها آثارًا غير مباشرة تتعلق بإبطاء سلسلة التوريد، وإرباك التعاون الإيراني–الروسي، وتقليص فاعلية سلاح الطائرات المسيّرة الروسية في المدى المتوسط. تعتمد شدة هذا التأثير على عاملين: مدى الضرر الحقيقي الذي طال منشآت الإنتاج الإيرانية، ومدى قدرة روسيا على تجاوز هذا الخلل تقنيًا ولوجستيًا.
إنها حلقة أخرى في مشهد دولي متشابك، حيث تصيب ضربة في طهران، جناحًا في خاركيف.