صلاحيات ترمب وخيارات أمريكا في حرب إسرائيل ضد إيران

في ظل تصاعد حدة التوتر بين إسرائيل وإيران، طُرِح مجددًا السؤال القديم المتجدد: هل يمكن للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أن يزجّ بالقوة العسكرية الأميركية في أتون هذا الصراع دون تفويض من الكونغرس؟
السؤال لم يعد نظريًا، فاحتياج إسرائيل الفعلي للمشاركة الأميركية لم يعد خافيًا، خاصة في ما يتعلق بضرب منشآت نووية محصّنة مثل "فوردو"، التي لا يمكن اختراقها إلا بقاذفات استراتيجية وقنابل خارقة للتحصينات لا تمتلكها إلا الولايات المتحدة.
واقع ميداني واستراتيجي
رغم براعة إسرائيل التقنية وتفوقها الجوي في اختراق المجال الإيراني، فإن المهمة الأساسية – تدمير البنية التحتية النووية المحمية داخل الجبال – تبقى خارج إمكانياتها الذاتية. وبالتالي، تتحول أنظارها إلى واشنطن.
لكن الخيار الأميركي ليس عسكريًا فقط، بل دستوريًا وقانونيًا بامتياز، لا سيما في ظل رئيس يعارض التقييد ويرى في عنصر المفاجأة عاملاً استراتيجيًا حاسمًا.
جدل دستوري: من يُقرر الحرب؟
الدستور الأميركي يمنح الكونغرس، وليس الرئيس، سلطة إعلان الحرب. ومع ذلك، فإن الواقع السياسي والعسكري خلال العقود الماضية أوجد "منطقة رمادية" مكّنت الرؤساء من إطلاق عمليات عسكرية دون إعلان حرب رسمي.
الرئيس، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، يمكنه إصدار أوامر فورية، لكن تمويل الحرب وتنظيم الجيش يبقى بيد الكونغرس.
وفي ظل هذه الثنائية، ظهر في 1973 "قانون صلاحيات الحرب"، كردّ من المؤسسة التشريعية على تجاوزات حدثت في فيتنام وغيرها. وقد فرض هذا القانون على الرئيس إخطار الكونغرس خلال 48 ساعة من بدء أي عمل عسكري، وإيقافه خلال 60 يومًا ما لم يُمنح تفويضًا.
هل يمتلك ترمب تفويضًا لضرب إيران؟
الجواب القانوني المباشر: لا، ما لم يصدر الكونغرس تفويضًا جديدًا.
لكن، كما في معظم القضايا المتعلقة بصلاحيات الرئيس في السياسة الخارجية، هناك سوابق قانونية واجتهادات دستورية تسمح باستثناءات، أبرزها:
الرد على هجوم مفاجئ: يمكن للرئيس استخدام القوة لردع تهديد وشيك دون انتظار الكونغرس، وهو مبدأ يعود إلى الحرب الأهلية الأميركية وأيدته لاحقًا المحكمة العليا.
إنقاذ الأميركيين في الخارج: يمكن التدخل عسكريًا دون تفويض لحماية الرعايا الأميركيين، كما حدث في حالات الرهائن أو الإجلاء.
نشر القوات لأغراض غير قتالية: مثل الإغاثة، والمراقبة، والدعم اللوجستي، والتي غالبًا تُغطى لاحقًا بتشريعات مالية صامتة من الكونغرس.
عمليات ذات طابع محدود: مثل القصف الجوي أو الدعم الإلكتروني والمخابراتي.
التفويض باستخدام القوة العسكرية (AUMF):
في حالات سابقة، منح الكونغرس الرؤساء هذا التفويض دون إعلان حرب، مثل:
حرب الخليج (1991)
أفغانستان (2001)
العراق (2003)
لكن أي من هذه التفويضات لا يشمل إيران، ما يعني أن أي تدخل عسكري مباشر ضدها يحتاج إما إلى تفويض جديد أو إلى تبرير قانوني عاجل تحت بند "الدفاع عن النفس".
المعادلة السياسية
مع اقتراب انتخابات 2026، وتحول الملف الإيراني إلى ورقة سياسية بيد الجمهوريين والديمقراطيين، يخشى البعض من أن يستخدم ترمب "المواجهة المحدودة" مع إيران لتعزيز صورته كرئيس قوي.
لكن في المقابل، يتحرك ديمقراطيون في الكونغرس لإقرار تشريعات تُقيد يد الرئيس في ما يخص إيران تحديدًا، خشية الانزلاق إلى حرب واسعة دون توافق وطني.
القانون الدولي والميثاق الأممي:
إلى جانب القانون الأميركي، يضع ميثاق الأمم المتحدة قيودًا على استخدام القوة، ويشترط أحد أمرين:
وجود هجوم مسلح فعلي.
الحصول على تفويض من مجلس الأمن.
وبالتالي، فإن أي ضربة أميركية تشارك فيها الولايات المتحدة دون هذين الشرطين ستكون قانونيًا محلّ جدل دولي.