تايوان على حافة الاشتعال.. مبيعات السلاح الأميركية تفجّر أزمة مع بكين

في تصعيد جديد للتوترات المتنامية في مضيق تايوان، وجّهت الصين انتقادًا شديد اللهجة للولايات المتحدة عقب تقارير عن نية واشنطن زيادة صادراتها من الأسلحة إلى تايوان، في خطوة تعتبرها بكين انتهاكًا صارخًا لمبدأ "الصين الواحدة" وتهديدًا مباشراً للأمن الإقليمي.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، عبّر عن معارضة بلاده "الحازمة" لصفقات السلاح الأميركية الجديدة، داعيًا واشنطن إلى التوقف الفوري عن "خلق مزيد من التوتر" في مضيق تايوان. وأضاف: "نحض الولايات المتحدة على الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، ووقف صفقات السلاح لتايوان التي تعمّق الانقسام وتزيد من خطر المواجهة".
واشنطن وتايوان.. تحالف تحت الضباب
بحسب تقارير لوكالة "رويترز"، تسعى الإدارة الأميركية إلى رفع مستوى مبيعات الأسلحة لتايوان إلى مستويات غير مسبوقة، تتجاوز تلك التي أُقرّت في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. ووفقًا لمسؤولين أميركيين، فإن الخطة تهدف إلى تعزيز قدرة الردع لدى الجزيرة في مواجهة ضغوط الصين العسكرية المتصاعدة.
وتشكل تايوان حجر الزاوية في سياسة "الغموض الاستراتيجي" التي تتبعها الولايات المتحدة، إذ تعد حليفًا غير رسمي، لكنها تتلقى الدعم العسكري الأميركي بوصفه ضمانًا غير مباشر ضد أي تحرّك صيني محتمل نحو ضمها بالقوة.
وتشير أرقام المبيعات السابقة إلى أن إدارة ترمب وافقت على صفقات بقيمة 18.3 مليار دولار خلال ولايتها الأولى، مقارنة بـ8.4 مليار فقط خلال إدارة بايدن. وتهدف الإدارة المقبلة إلى تجاوز هذا الرقم، في وقتٍ تتكثف فيه تدريبات الجيش الصيني بالقرب من الجزيرة.
الصين تصعّد عسكريًا والجزيرة تتأهب
التوتر العسكري لم يعد في خانة الرسائل الرمزية، بل بات يأخذ طابعًا ميدانيًا متسارعًا. فوفقاً لوزارة الدفاع التايوانية، ارتفعت وتيرة اختراق الطائرات الصينية لمنطقة تحديد الدفاع الجوي للجزيرة إلى أكثر من 245 مرة شهريًا، مقارنة بأقل من 10 مرات قبل خمس سنوات. كما تجاوزت الطلعات الصينية خط الوسط في المضيق أكثر من 120 مرة شهريًا، وهو الخط غير الرسمي الذي كان يُعتبر فاصلًا عسكريًا بين الجانبين.
وتحذر تقارير عسكرية تايوانية وأميركية من أن الصين رفعت من جاهزية وحداتها القتالية، بما في ذلك القوات البرمائية ووحدات الصواريخ والطيران، إلى درجة تسمح بشن هجوم مفاجئ في أي وقت. وتشير صور الأقمار الصناعية وتحليلات الخبراء إلى أن تدريبات إنزال القوات وتخزين الذخائر في مناطق قريبة من الموانئ الاستراتيجية قد تكون مؤشراً على سيناريوهات "اجتياح سريع" يجري التحضير لها.
تحوّل في ميزان الردع
في ظل هذا السياق، تأتي زيادة مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان بمثابة محاولة لتعزيز ميزان الردع ومنع وقوع سيناريو صيني عدواني في المدى القريب. غير أن هذه الخطوة، رغم أهدافها الدفاعية المعلنة، قد تؤدي إلى تعميق الانقسام الجيوسياسي بين واشنطن وبكين، وتدفع بمضيق تايوان إلى حافة مواجهة مباشرة.
وما يضاعف من تعقيد المشهد هو الضغط الأميركي على قوى المعارضة داخل البرلمان التايواني، لمنعهم من تعطيل زيادة الإنفاق الدفاعي، ورفع الميزانية العسكرية إلى ما يقارب 3% من الناتج المحلي، ما يُعد مؤشرًا على تنسيق عسكري أميركي – تايواني غير مسبوق.
السيناريوهات المحتملة
مزيد من التوتر العسكري: مع استمرار واشنطن في تسليح تايوان، من المتوقع أن تكثف بكين من تدريباتها واستعراض قوتها في مضيق تايوان، بما يشمل اختراقات جوية وبحرية أوسع.
تدهور دبلوماسي: قد تُقدم الصين على اتخاذ إجراءات عقابية ضد شركات السلاح الأميركية أو ضد تايوان اقتصاديًا، وقد تُجمّد بعض القنوات الدبلوماسية مع واشنطن.
حرب باردة مصغّرة: إذا استمر المسار التصعيدي، قد يتحول الوضع في تايوان إلى بؤرة صراع جيوسياسي شبيه بحرب باردة جديدة في آسيا بين الصين والولايات المتحدة، مع تحالفات إقليمية متشابكة.