اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

هل يمكن للأطفال القيام بفريضة الحج ومتي يصبح صحيحًا؟

تعد فريضة الحج من الأركان الخمسة للإسلام، والتي يجب على المسلمين أداؤها مرة واحدة في العمر إذا توفرت لديهم الاستطاعة، ولكن هناك سؤال أثير في دار الإفتاء أثار اهتمام الكثيرين، وكان يتعلق بإمكانية أداء الحج من قبل الأطفال قبل بلوغهم سن التكليف الشرعي، هل يعتبر حجهم في هذا السن صحيحًا؟ وهل يسقط عنهم حج الفريضة؟

يعتبر الحج ركنًا من أركان الإسلام الخمسة، وقد جاء في الحديث الشريف أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ". ولذلك، فإن أداء الحج يعد فرضًا على المسلمين البالغين والمكلفين، وهذا ما أكدته دار الإفتاء المصرية.

وبناءً على ذلك، فإن الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا سن التكليف الشرعي غير مطالبين بأداء فريضة الحج، وقد اتفق العلماء على هذا الأمر، حيث يُشترط لأداء الحج بلوغ الشخص سن التكليف، يعتبر حج الأطفال الصغار في هذه السن ساقطًا، ولا يُعتبر صحيحًا شرعًا، وفقًا لما ورد في كتب الفقه والأصول.

إذا قام الصغير بأداء فريضة الحج أو تمت إحرامه بالحج، فإن حجه يعتبر صحيحًا ومقبولًا، سواء كان مميزًا أم لا، وللدلالة على ذلك يُذكر حديث السائب بن يزيد الجهني الذي قال: "حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأيُذكر أن الأطفال الصغار يحق لهم المشاركة في رحلة الحج مع أسرهم أو محافظيهم، ويمكن لهم الاستفادة من الأجواء الروحية والتعليمية المحيطة بالحج، وعلى الرغم من أن حجهم لا يُعتبر فريضة ملزمة، إلا أنه يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تكوينهم الديني والثقافي.

وقد أناط الشرع الشريف فريضة الحج بالاستطاعة؛ فقال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فقال رجل: كل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا استَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شيء فَدَعُوهُ» أخرجه الشيخان.

اشترط العلماء لأداء فريضة الحج عدة شروط؛ من جملتها: البلوغ، ومن ثَمَّ فقد أجمعوا على أن الصبي غير مطالب بالحج؛ لعدم تكليفه به ابتداءً، فهو ساقط عنه حتى بلوغه؛ كما في "الإقناع" للإمام ابن القطان (1/ 247، ط. الفاروق الحديثة)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (3/ 213، ط. مكتبة القاهرة).

والصغير وإن كان غير مطالَبٍ بالحج، إلا أنه إذا حَجَّ أو حُجَّ به: جاز حَجُّهُ؛ مميِّزًا كان أو غير مميِّز، وهذا ما عليه الفتوى؛ لحديث السائب بن يزيد رضي الله عنهما قال: "حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ" أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقي رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فقال: «مَنِ الْقَوْمُ؟» قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «رَسُولُ اللهِ»، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

قال الإمام القاضي عياض في "إكمال المعلم" (4/ 441، ط. دار الوفاء): [لا خلاف بين أئمة العلم في جواز الحج بالصبيان] اهـ.