اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

دراسة: تصاعد التوتر بين تركيا وروسيا.. ما السبب؟

تشهد العلاقات التركية الروسية عدم توافق حول بعض الملفات، وظهر ذلك في موقف تركيا نحو روسيا في الحرب الأوكرانية الروسية ووقوفها بجانب أوكرانيا علي الجانب الآخر رد فعل روسيا في موقف إعلان الكرملين 11 فبراير الماضي تأجيل بوتين زيارته إلى تركيا، بسبب التغيير الحادث في السياسة التركية حيال روسيا وزيادة النفوذ التركي.

ونحدد أسباب التوتر بين الدولتين كالتالي:

ترفض تركيا موقف روسيا من قضية شبه جزيرة القرم، وتعارض التحركات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو ما يثير استياء موسكو. فقد أعلنت تركيا رفضها لاستمرار الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم، وأكدت المضي قدما في مراقبة التطورات داخل القرم.

في المقابل، وعلى الرغم من محاولة أنقرة ممارسة دور الوسيط وإقرار السلام بين موسكو وكييف، فإنها رفضت التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.

وكذلك تمرير عضوية السويد وفنلندا بحلف "الناتو، 24 يناير الماضي، وأثارت موافقة أنقرة على عضوية السويد وفنلندا استياء موسكو، التي تخشى نشر وحدات وإقامة بنية تحتية عسكرية تابعة لـ"الناتو" بالقرب منها. ولذلك فرض التحول الحادث في سياسات تركيا تجاه عضوية السويد وقبلها فنلندا تداعيات عكسية على العلاقات التركية- الروسية، وربما يؤدي إلى صدام بين أنقرة وموسكو.

خاصة لجهة تمكين الحلف من الاقتراب من حدودها وتحييد قسم من قدراتها العسكرية على غرار الأسطول الروسي في بحر البلطيق.

التقارب التركي مع الغرب، شهدت العلاقات التركية مع الدول الغربية المناهضة لروسيا تطوراً لافتاً في الآونة الأخيرة، حيث عادت مساحات التوافق بين أنقرة وواشنطن، على نحو كشفت عنه زيارة وزير الخارجية التركي هكان فيدان للولايات المتحدة الأمريكية، في 7 و8 مارس الحالي، لحضور اجتماعات الآلية الاستراتيجية التركية-الأمريكية، التي تقرر تشكيلها خلال لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأمريكي جو بايدن، وشهدت العلاقات الدفاعية بين أنقرة وواشنطن نقلة كبيرة بعد موافقة الكونجرس الأمريكي على صفقة طائرات F16 المتطورة لتركيا، ورفع القيود والعقوبات التي فرضتها واشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب على هيئة الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون "مكافحة أعداء أمريكا".

تجميد حسابات روسية اتخذت بنوك تركية إجراءات بإغلاق حسابات شركات روسية بالإضافة إلى تشديد الإجراءات المطلوبة من المواطنين الروس الذين يرغبون في الحصول على البطاقات البنكية في تركيا.

وهنا، يمكن فهم استجابة أنقرة لمطالب واشنطن بشأن ضرورة الانضمان للعقوبات الثانوية المفروضة على موسكو من خلال إغلاق حسابات الشركات الروسية في البنوك التركية.

ويشار في هذا الصدد إلى أن الشركات الروسية تستخدم تركيا كسلطة عبور للمدفوعات والتسليم عن تجارتها، وخاصة تجارة النفط والغاز التي تواجه صعوبات في تصدير إنتاجها إلى الأسواق العالمية، بسبب العقوبات الغربية على قطاع النفط الروسي. كما فرضت قيود على استخدام البنوك التركية من قبل المواطنين الروس، مما أثر سلباً على حركة التجارة والاستثمار بين البلدين.

لا ينفصل التوتر بين أنقرة وموسكو عن التطور الحادث في العلاقات الدفاعية بين أنقرة وكييف، حيث تعمل شركة "بايكار ماكينا" التركية على إكمال بناء مصنع طائرات مسيرة في أوكرانيا بحلول عام 2025، لا سيما وأن الشركة التركية تخطط لاستخدام محركات AI-322F الأوكرانية لإنتاج مسيرات من طراز بيرقدار كيزيليما الأسرع من الصوت. وقد تصاعد القلق الروسي من التعاون العسكري بين أنقرة وكييف، على نحو بدا جلياً في إعلان المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، في 9 أغسطس 2022، بأنه إذا ما ظهر مصنع لمسيرات "بيرقدار" التركية في أوكرانيا فإن الجيش الروسي سيدمره على الفور في إطار مهمة نزع سلاح أوكرانيا.

عرقلة موسكو للتطبيع التركي-السوري: على الرغم من رعاية موسكو على مدى السنوات الثلاث الماضية لقاءات على مستويات مختلفة بين الجانبين التركي والسوري بهدف تطبيع العلاقات، حيث أكدت موسكو على أن إصرار تركيا على عدم الانسحاب من الأراضي السورية يعيق جهود التطبيع، وقال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، في 26 يناير الماضي، على أن الوجود التركي في سوريا "يعيق تطبيع العلاقات بين البلدين". وثمة تقديرات تركية تشير إلى أن التشدد الروسي تجاه التقارب السوري-التركي في هذا التوقيت يرتبط بالمنظور السلبي لدى القيادة الروسية التي تبدى قلقاً من انعطافة أنقرة تجاه الغرب، وتخليها عن موقفها الحيادي تجاه الأزمة في أوكرانيا.

تصاعد التنافس في الملفات الخارجية: يعود التوتر بين موسكو وأنقرة، في قسم منه، إلى سعى كل طرف إلى محاصرة وتحييد حضور الآخر في مناطق النفوذ المشتركة، وكان بارزاً هنا حرص أنقرة على استثمار الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية لتعزيز حضورها في منطقة القوقاز، وخاصة الجمهوريات الناطقة بالتركية، بالإضافة إلى توسيع حضورها الميداني على الساحة السورية، وذلك في مقابل مساعٍ روسية لتعزيز الدور ومزاحمة النفوذ التركي في ليبيا ومناطق غرب أفريقيا.

موضوعات متعلقة