اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

مركز المستقبل للدراسات يضع سيناريوهات إيران للرد على استهداف قنصليتها في دمشق

أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة تقريرا خاصا عن حادث استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا، تحت عنوان "خيارات إيران للرد على استهداف قنصليتها في دمشق"، ويدشن الحادث الأخير مرحلة جديدة من الصراع بين طهران وتل أبيب، ويناقش التقرير تحليل الأحداث الجارية بينهما والسيناريوهات المقترحة.

دلالات الهجوم

ينطوي حادث استهداف مقر القنصلية الإيرانية في دمشق على عدد من الدلالات، أبرزها ما يلي:

1- الهجوم الأول من نوعه: يُعد هذا الهجوم الأول من نوعه الذي تتهم إسرائيل بتنفيذه على مبنى دبلوماسي إيراني، في تاريخ الصراع بين البلدين، ما قد ينقل التوتر بينهما إلى مستوى جديد ومختلف. ووفقاً لهذه التُّهم، اكتفت إسرائيل في السابق بقصف أهداف عسكرية أو استراتيجية واضحة سواء داخل سوريا أم داخل إيران ذاتها. صحيح أن القتلى الذين أسفر عنهم الهجوم الأخير، هم قادة في الحرس الثوري الإيراني، إلا أن ذلك لا ينفي صحة أن المكان المستهدف هو مقر دبلوماسي، وإلا فكان الأولى أن يتم انتظار خروج تلك الشخصيات، واغتيالهم في مقار سكنهم أو في سياراتهم، كما حدث في حالات مُشابهة من قبل.

ويبدو أن إسرائيل رغبت، من خلال ذلك الهجوم، في إيصال رسالتين لإيران؛ الأولى: هي التأكيد على أن تعقب أهدافها في سوريا سوف يطال حتى المقرات الدبلوماسية، والثانية: هي إحراج طهران من خلال استهداف قنصليتها في دمشق، وذلك في ضوء إدراك تل أبيب، أن طهران ربما لن لا تقدم على الدخول في مواجهة مباشرة معها، وهي الاستراتيجية التي اتبعتها الأخيرة منذ بداية الصراع في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023.

2- الرد على استهداف وكلاء إيران لإسرائيل: شهدت الفترة الأخيرة ارتفاع وتيرة هجمات المليشيات والجماعات الموالية لإيران ضد إسرائيل نفسها، وليس مصالحها فقط، في تغير واضح في النهج الذي كان تتبعه هذه المليشيات خلال الفترة الماضية. فعلى سبيل المثال، استهدفت تلك المليشيات مطار بن غوريون في تل أبيب، بطائرات مُسيّرة، في 20 مارس 2023، كما استهدفت ما تُسمى "المقاومة الإسلامية في العراق"، في اليوم التالي، محطة توليد الكهرباء في تل أبيب بواسطة الطيران المُسيّر. وجاء الهجوم على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، بعد ساعات من تبني "المقاومة الإسلامية في العراق" لهجمات عنيفة على قاعدة بحرية في إيلات، في هجوم قالت إسرائيل إنه تم بطائرات مُسيّرة إيرانية وتوجيه ممن جانب طهران، وكأنها رسالة من تل أبيب لإيران وأذرعها بأن المساس بالأراضي الإسرائيلية ستكون تكلفته عالية.

3- التركيز على استهداف القادة العسكريين: يأتي هذا الهجوم ربما ليؤكد استراتيجية استهداف كبار قادة الحرس الثوري الإيراني في سوريا، بدلاً من التركيز خلال السنوات السابقة على استهداف المعدات ومخازن الأسلحة والذخيرة. ففي الشهرين الماضيين، أسفرت غارات اُتهمت إسرائيل بشنها عن مقتل عدد من قادة الحرس الثوري في سوريا؛ إذ أدت غارة على مشارف العاصمة دمشق إلى اغتيال القيادي في الحرس الثوري، رضي موسوي، وهو مسؤول الإمداد بين الحرس والمليشيات في سوريا ولبنان، وكان يُلقب بالرجل الثاني بعد قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني. كما أدت غارة أخرى إلى مقتل قائد استخبارات فيلق القدس في سوريا، صادق أوميد زاده، وغيرهم.

ويؤكد الهجوم على القنصلية الإيرانية الاستمرار في استهداف قادة الحرس الثوري، سواء وجدوا في مقرات سرية أم مقار دبلوماسية. وجدير بالذكر أن محمد رضا زاهدي كان يمثل قيادة كبيرة ذات خبرة واسعة داخل الحرس الثوري، فضلاً عن كونه مسؤول نشاط فيلق القدس -الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني- في سوريا ولبنان لعقود طويلة، وكان دائم التنقل بين دمشق وبيروت، وكان على اتصال دائم بالأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله.

وكانت قد أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن غارة جوية إسرائيلية، بطائرات "أف-35"، استهدفت بالصواريخ، مساء يوم الاثنين الموافق الأول من إبريل 2024، مقر القنصلية الإيرانية ومنزل السفير الإيراني في حي المزة الراقي بالعاصمة السورية دمشق، وأضافت أن الاستهداف أسفر عن تدمير مبنى القنصلية ومنزل السفير بالكامل، ومقتل كل من كان بداخلهما. وقدّرت بعض وسائل الإعلام عدد القتلى بـ11 شخصاً، هم ثمانية إيرانيين وسوريان ولبناني واحد، وأن جميعهم عسكريون، بالإضافة إلى إصابة آخرين.

ومن جانبه، أعلن الحرس الثوري الإيراني، في بيان، تعليقاً على هذا الحادث، مقتل اثنين من قادته وهما: محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي، وخمسة من مرافقيهم من الضباط. فيما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن الغارة استهدفت اجتماعاً سرياً بين مسؤولي المخابرات الإيرانية وقادة حركة الجهاد الفلسطينية، وأنه تم انتظار مغادرة القنصل الإيراني ثم تنفيذ الهجوم.

ولا تُعلق إسرائيل عادة على الهجمات التي تُتهم بشنها في سوريا. ورداً على الهجوم الأخير في سوريا، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "لا نعلق على التقارير الواردة في وسائل الإعلام الأجنبية".

ومركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، هو مركز تفكير Think Tank مستقل، أنشئ عام 2014، في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، للمساهمة في تعميق الحوار العام، ومساندة عملية صنع القرار، ودعم البحث العلمي فيما يتعلق باتجاهات المستقبل، التي أصبحت تمثل مشكلة حقيقية بالمنطقة في ظل حالة عدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ خلال المرحلة الحالية، بهدف المساهمة في تجنب "صدمات المستقبل" قدر الإمكان.

موضوعات متعلقة