اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

غزوة بدر.. أيقونة الغزوات ومفتاح انتصار المسلمين علي الكفار

غزوة بدر
غزوة بدر

يحتفل المسلمون في السابع من شهر رمضان كل عام بذكرى غزوة بدر الكبرى التي تعتبر أيقونة الغزوات وأولى الانتصارات الإسلامية الحقيقية على كفار قريش.
وقعت غزوة بدر في صبيحة يوم الاثنين 17 رمضان في العام الثاني للهجرة، وكان موقعها في أرض بدر، وهي محطة لمرور القوافل المتجهة إلى الشام والعائدة إلى مكة المكرمة، وكانت تمثل سوقا من أسواق العرب المشهورة ساعدها في ذلك موقعها الجغرافي بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء. خرج من المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ولم يكن معهم إلا فرسان، وسبعون بعيرا يتعاقبون على ركوبها.
عندما علم أبو سفيان بنبأ خروج المسلمين لأخذ قافلة قريش التجارية، سلك بها طريق الساحل، وأرسل لاستنفار أهل مكة، فاستعدت قريش للخروج دفاعا عن قافلتها، وحشدت كل طاقتها، فقد رأت قريش في ذلك حطًا لمكانتها، وامتهانا لكرامتها، وضربا لاقتصادها، وبلغ عددهم ثلاثة أضعاف المسلمين عددًا وعتادا.
وصل المسلمون إلى بدر قبل المشركين، واقترح الصحابي الجليل الحباب بن المنذر على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ماء بدر خلفه، فوافق على مشورته وأخذ برأيه. اندلعت المعركة بين الفريقين وكانت حامية الوطيس، وكان الكفار يمنون النفس بالفوز المؤكد، بسبب الفارق الكبير في العدد والعتاد والقوة لصالحهم، وكانت ملحمة كبيرة حامية الوطيس، أمد الله خلالها المسلمين –كما ورد بالقرآن الكريم- بالملائكة، كما جاء في قوله تعالى: "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ. وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".
أسفرت المواجهة عن قتل سبعين من المشركين سبعون رجلاً، وأسر سبعين، وفر بقية المشركين، تاركين وراءهم غنائم كثيرة في أرض المعركة، فيما سقط من المسلمين أربعة عشر شهيدًا.
بعد غزوة بدر أصبحت شوكة المسلمين قوية، وأصبحوا مرهوبين بين قبائل الجزيرة العربية كلها، وتعزَّزت مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وارتفع نجم الإسلام فيها، ولم يعد المتشككون في الدعوة الجديدة، والمشركون في المدينة يتجرأون على إظهار كفرهم، وعداوتهم للإسلام لذا ظهر النِّفاق والمكر والخداع، فأعلنوا إسلامهم ظاهرًا أمام النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وازدادت ثقة المسلمين بالله تعالى وبرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. ودخل عدد كبير من مشركي قريش في الإسلام، وقد ساعد ذلك على رفع معنويات المسلمين الَّذين كانوا لا يزالون في مكة، فازدادوا إيمانا على إيمانهم، وثباتا على عقيدتهم .
كما اكتسب المسلمون بعد الانتصار المبين في غزوة "بدر" مهارةعسكرية، وأساليب جديدة في الحرب، وشهرة واسعة داخل الجزيرة العربية، وخارجها.
أمَّا قريش، فكانت خسارتها فادحةً، خاصة بعد مقتل أبي جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وغيرِهم من زعماء الكفر. لم تكن خسارة الكفار عسكرية فحسب، بل كان خسارةً معنويةً أيضًا لأن المدينة لم تعد تهدد تجارتها فقط، بل أصبحت تهدد أيضًا سيادتها ونفوذها في الحجاز كلِّه. وبذلك تعدُّ غزوة بدر رغم صغر حجمها معركة فاصلة في تاريخ الإسلام، ولذلك سماها الله عز وجل بيوم الفرقان، قال تعالى: "وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ"، ففرق بها سبحانه بين الحق والباطل؛ وأعلى فيها كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه، ونصر نبيه وحزبه وظهر ذلك في الانتصارات التي حققها جيش المسلمون لاحقا.