الأسد الصاعد.. كيف عرّت الهجمات الإسرائيلية عمق الخلل في المنظومة الأمنية الإيرانية؟

في تطور دراماتيكي يعيد تشكيل موازين القوة في الشرق الأوسط، وجّهت إسرائيل، على ما يبدو، ضربة نوعية ومعقدة إلى قلب المنظومة العسكرية والأمنية الإيرانية، أسفرت عن اغتيال قادة بارزين، بينهم الجنرال علي باقري، رئيس الأركان ونائبه، إضافة إلى قادة من الحرس الثوري وعدد من العلماء النوويين. هذا الهجوم المفاجئ يفتح الباب أمام سلسلة من الملاحظات الاستراتيجية العميقة:
1. تكتيك الخداع والضربات المركبة: مستوى غير مسبوق من التخطيط
تشير طبيعة الهجوم إلى عملية محكمة شارك فيها طيف واسع من الموارد البشرية والتقنية. تنوع الوسائل المستخدمة (بين ضربة صاروخية محتملة واختراق إلكتروني ومعلوماتي) يكشف عن تنسيق محكم وخداع استراتيجي بالغ التعقيد، لم يكن مجرد عمل عسكري بل "هندسة أمنية" سبقتها تحضيرات دقيقة وواسعة النطاق.
2. الاختراق المعلوماتي: انهيار الجدران الصلبة
الهجوم يكشف عن اختراق استخباراتي هائل لمنظومة القرار والأمن داخل إيران، ليس من إسرائيل وحدها، بل من شراكة استخباراتية غربية – أميركية أيضاً. السؤال المركزي هنا: كيف أمكن تحديد مواقع بالغة السرية لأرفع قادة النظام في لحظة يُفترض أنها كانت في ذروة الاستنفار والحذر؟! من اغتيال فخري زاده إلى استهداف باقري، يبدو أن "اليد الإسرائيلية" تتحرك داخل العمق الإيراني بيسر مثير للقلق.
3. العمى الاستراتيجي: غفلة باهظة الثمن
رغم تصاعد التهديدات في الأسابيع الأخيرة، ورغم تجربة حزب الله في لبنان، فإن صانع القرار الإيراني لم يظهر جاهزية حقيقية للضربة. التساهل في التقدير، وغياب التحصين الكافي، وخلل التنسيق بين الأجهزة المختلفة، سمح بحدوث اختراق أمني كاد أن يُقارن بزلزال سياسي/عسكري. لقد تحولت أكثر الشخصيات الحصينة إلى أهداف مكشوفة في ساعات معدودة.
4. اللحظة الإسرائيلية الذهبية: تصفية حسابات وخريطة جديدة
من منظور إسرائيلي، فإن هذه الضربة قد لا تكون سوى بداية في مشروع أوسع يستهدف إعادة تشكيل البيئة الإقليمية. تصريحات نتنياهو المتكررة عن "تغيير وجه الشرق الأوسط" لا تبدو مجرد خطاب سياسي، بل مرافعة لمخطط استراتيجي طويل الأمد يجد لحظته المثالية الآن، مستفيداً من تفوق استخباراتي، وتقني، ودعم أميركي غير مشروط.
5. نهاية اللعبة؟! المرشد تحت التهديد
يبقى السؤال الأخطر: هل ستواصل إسرائيل التصعيد لتصل إلى رأس النظام، المرشد الأعلى نفسه؟ هل يشهد الشرق الأوسط تجربة جديدة من "تغيير الأنظمة"؟ التاريخ يعلمنا أن إسرائيل لا تتحرك في فراغ، وأن توقيت الضربة مرتبط بسياقات إقليمية ودولية دقيقة. ما حدث يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة، خاصة إذا تحول الاستنزاف الإيراني إلى مشروع إسقاط كامل.