اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

المسيرات تشعل القتال شمال كردفان بالسودان وحركة نزوح غير مسبوقة

مدينة الفاشر شهدت قصفاً مدفعياً عشوائياً شنته الدعم السريع باتجاه الأحياء السكنية
مدينة الفاشر شهدت قصفاً مدفعياً عشوائياً شنته الدعم السريع باتجاه الأحياء السكنية

تبادل الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، أمس الأحد، عمليات القصف الجوي في محور ولاية شمال كردفان الذي يشهد مواجهات عنيفة بين الطرفين، حيث استهدف طيران الجيش المسير تجمعات لـ"الدعم السريع" في منطقة حمرة الشيخ، بينما شنت مسيرات الأخيرة غارات جوية مكثفة على مدينة الرهد، مما أسفر عن أضرار بشرية ومادية بالغة وسط المدنيين، في وقت تشهد مناطق عدة في هذه الولاية حركة نزوح غير مسبوقة.

وبحسب مصادر عسكرية تسببت غارات الطيران الحربي المسير التابع للجيش على منطقة حمرة الشيخ في تدمير مخزن للطائرات المسيرة وثماني جرارات لـ"الدعم السريع"، مؤكدة أن هذه الضربات تأتي في إطار العمليات العسكرية المستمرة لاستهداف القوة الصلبة لهذه القوات، فضلاً عن تقويض قدراتها اللوجيستية والتكتيكية وتجفيف منابع تسليحها ومنعها من إعادة التمركز، خصوصاً في المناطق التي ظلت تستخدمها كمنصات للانطلاق نحو المدن الآمنة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن عمليات القصف التي استهدفت مدينة الرهد بواسطة مسيرات "الدعم السريع" ألحقت أضراراً بشرية ومادية.

وتعد الرهد من المدن الآمنة نسبياً في شمال كردفان، ولم تشهد أي مواجهات ميدانية مباشرة، مما يجعل استهدافها دليلاً إضافياً على سعي "الدعم السريع" لإرباك المشهد الداخلي عبر خلق بؤر توتر داخل العمق المدني.

وانتقلت الاشتباكات والمعارك، أخيراً، بين الجيش و"الدعم السريع" إلى إقليم كردفان في ظل سعي الجيش لبسط سيطرته عليه، ومن ثم الانطلاق لإقليم دارفور حيث تسيطر "الدعم السريع" على أربع من ولاياته الخمس.

ويخوض الطرفان منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

محور دارفور

في محور إقليم دارفور، شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور قصفاً مدفعياً عشوائياً شنته "الدعم السريع" باتجاه الأحياء السكنية، فضلاً عن قصف قيادة الفرقة السادسة - مشاة التابعة للجيش.

وتحاصر "الدعم السريع" الفاشر منذ أبريل 2024 في محاولة للسيطرة عليها، حيث تمنع وصول الغذاء والأدوية إلى المدينة، وبات السكان غير قادرين على التنقل بحرية أو الحصول على الإمدادات الأساسية من المناطق الأخرى. وفي ضوء هذه الأوضاع المأسوية، أعلنت حكومة ولاية شمال دارفور مبادرة تهدف إلى تخفيف العبء عن كاهل المواطنين بتقديم إعانات نقدية مباشرة للأسر، عبر لجان التسيير المجتمعية في الأحياء ومراكز الإيواء المختلفة.

وكان عناصر من "الدعم السريع" بثوا مقطع فيديو مصوراً عن عمليات إنقاذ لفارين من الفاشر، وهم في حال يرثى لها بسبب الجوع والعطش، وتم إسعافهم ونقلهم إلى أماكن آمنة.

من جانبه أكد المدير العام لوزارة الصحة بشمال دارفور إبراهيم عبدالله خاطر استمرار تقديم الخدمات الصحية بمدينة الفاشر على رغم شح الأدوية والمستهلكات الطبية. واتهم خاطر "الدعم السريع" بإعاقة وصول الدواء والأغذية للأطفال المصابين بسوء التغذية، محذراً من استمرار الحصار المفروض على المدينة لما يسببه من معاناة ومأساة في حق المواطنين الذين في أمس الحاجة إلى الخدمات العلاجية. وشدد المدير العام لوزارة الصحة بالولاية على أهمية فك الحصار عن المدينة لتسهيل تقديم الخدمات الصحية وحماية الكوادر الطبية والمرضى.

40 ألف لاجئ

في الأثناء، أفادت "منظمة أطباء بلا حدود" بتعزيز وجودها الطبي داخل مخيم العبور والمناطق الحدودية الفاصلة بين السودان وتشاد، بهدف تقديم خدمات الرعاية الصحية الطارئة لآلاف الفارين من الصراع الدائر في البلاد، والذين وصلوا إلى ولاية وادي فيرا (تشاد) في ظروف إنسانية وصحية بالغة السوء. وأوضحت المنظمة، في بيان، أن فرقها بدأت في تقديم الرعاية الصحية الأولية، وعلاج حالات سوء التغذية بين الأطفال، ومتابعة حالات الحمل للنساء، ودعم الناجين من العنف الجنسي.

وأشارت المنظمة إلى أن الفترة من نهاية أبريل وحتى يونيو (حزيران) الجاري شهدت تدفق ما يقارب 40 ألف لاجئ سوداني إلى ولاية وادي فيرا عبر منطقة الطيبة الحدودية، مؤكدة أن الغالبية العظمى منهم وصلت وهي تعاني الجفاف الحاد، والضعف العام، وانعدام الرعاية الطبية الأساسية.

تشكيل الحكومة

سياسياً، توقعت مصادر مطلعة أن يعلن رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، خلال الأيام المقبلة، التشكيلة الوزارية الجديدة بصورة متدرجة، تبدأ بالأسماء التي تم التوافق حولها في ضوء المشاورات المتواصلة التي أجراها لتشكيل حكومة تمثل مختلف المكونات. وبحسب المصادر نفسها، فإنه سيتم تخصيص سبع وزارات لحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، فيما لم تشمل القائمة وزارة المالية، التي كان يتولاها رئيس "حركة العدل والمساواة" جبريل إبراهيم لنحو خمسة أعوام، في واحدة من أكثر الوزارات تأثيراً في إدارة الدولة.

وأوضحت المصادر أن الوزارات التي سيتم إسنادها إلى الحركات المسلحة تشمل وزارات النقل، والعمل والهجرة، والطاقة والنفط، وحقوق الإنسان والشؤون الإنسانية، وتنظيم السودانيين العاملين بالخارج، والحكم الاتحادي والمحلي، والاستثمار. ويأتي هذا التوزيع ضمن ترتيبات جديدة تهدف إلى إعادة دمج الحركات المسلحة داخل مؤسسات الدولة، في إطار تنفيذ بنود اتفاق جوبا وتحقيق توازن سياسي، في وقت تشهد البلاد تحديات معقدة على المستويين الأمني والاقتصادي.

وفاة بالكوليرا

صحياً، تحدثت وزارة الصحة بولاية شرق دارفور عن تفشي وباء الكوليرا بصورة رسمية، بعد تسجيل حالة وفاة مؤكدة من بين 24 حالة اشتباه تراكمية خضعت للفحص. وجاء الإعلان الرسمي عقب اجتماع طارئ للجنة الطوارئ الصحية، وبعد وصول أجهزة الفحص السريع التي قدمتها منظمة الصحة العالمية إلى مدينة الضعين، الأسبوع الماضي، مما مكن السلطات الصحية من تأكيد الحالات التي كانت قيد الاشتباه، ووفقاً لمدير الإدارة التنفيذية المكلف وزارة الصحة بولاية شرق دارفور علي إبراهيم إغيبش، فإن الوزارة كانت تتابع الحالات منذ ظهورها، إلا أن هشاشة الوضع الصحي وغياب وسائل الفحص السريع حالت دون تأكيدها في وقت سابق. مبيناً أن الوزارة كانت قد أحصت ثماني وفيات و24 إصابة يشتبه في كونها ناتجة من المرض. وأشار إغيبش إلى أن الوزارة اتخذت التدابير اللازمة كافة بالتعاون مع شركاء الصحة من المنظمات العاملة في الولاية، موضحاً أن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الوباء بدأت بالفعل، وتشمل تحديد مركز للعزل في الضعين، وإطلاق حملة لمكافحة النواقل، إلى جانب حملات توعية للمواطنين.