استفتاء دستوري في الجابون.. خطوة نحو الاستقرار أم تعزيز للهيمنة؟
بدأت الجابون اليوم السبت 16 نوفمبر 2024، مرحلة جديدة من تاريخها السياسي، مع دعوة نحو 860 ألف ناخب للإدلاء بأصواتهم في استفتاء على مشروع دستور جديد يهدف إلى إعادة البلاد إلى النظام الدستوري بعد الإطاحة بالرئيس السابق علي بونغو في أغسطس الماضي. يأتي الاستفتاء في ظل تحديات سياسية واجتماعية، وسط اتهامات للمجلس العسكري الحاكم، بقيادة الجنرال بريس كلوتير أوليغي نغيما، بالسعي لتعزيز سلطته.
ملامح المسودة الدستورية
تضم المسودة المطروحة للاستفتاء 173 مادة، وتحمل تغييرات جوهرية أبرزها:
- نظام رئاسي بدلًا من شبه البرلماني: يمنح الرئيس سلطات تنفيذية واسعة مع إلغاء منصب رئيس الوزراء.
- مدة الرئاسة: سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط.
- شروط الترشح للرئاسة: حصر الترشح على الغابونيين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و70 عامًا.
- صلاحيات رئيس الدولة: الرئيس سيكون رئيس المجلس الأعلى للقضاء، مع حقه في حل المجلس الوزاري مرة واحدة خلال فترته الرئاسية.
آراء متباينة بين مؤيدين ومعارضين
معسكر "نعم":
- يرى المؤيدون، بقيادة رئيس الوزراء ريموند ندونغ سيما، أن الدستور الجديد سيكرس مبدأ التداول السلمي للسلطة ويقطع الطريق على احتكارها، مستشهدين بتاريخ عائلة بونغو التي هيمنت على المشهد السياسي لعقود.
- أكد الجنرال نغيما أن النص يعكس إرادة الشعب التي تم التعبير عنها خلال حوار وطني شامل.
معسكر "لا":
- يصف المعارضون، مثل بيير كلافير ماجانغا موسافو وألبرت أوندو أوسا، المسودة بأنها خطوة لتكريس نظام "ملكي" تحت غطاء دستوري.
- يعترضون على غياب دور البرلمان في الرقابة على السلطة التنفيذية، ويرون أن شروط الترشح تهدف لإقصاء شخصيات سياسية بارزة.
سياق سياسي واجتماعي معقد
- جاء الاستفتاء بعد أشهر من تولي المجلس العسكري السلطة إثر الإطاحة بالرئيس علي بونغو، الذي اتُّهم بتزوير الانتخابات.
- تستمر المخاوف من أن المسودة قد تركز السلطة في يد الرئيس، ما يثير تساؤلات حول جدوى العودة للنظام الدستوري في ظل هذه التعديلات المثيرة للجدل.
أجواء الاستفتاء والتحديات
افتُتحت مراكز الاقتراع في الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، وسط ترتيبات لتسهيل مشاركة الناخبين، بما في ذلك منح عطلتين رسميتين. ورغم الأمطار وموسم الدراسة، تسعى السلطات لرفع نسبة الإقبال، التي تُعدّ مؤشرًا هامًا على شرعية النتائج.
ما بين التفاؤل والحذر
يُعتبر الاستفتاء لحظة حاسمة في تاريخ الغابون، لكنه لا يخلو من التحديات، إذ ستحدد نتائجه ليس فقط شكل النظام السياسي في البلاد، ولكن أيضًا مدى قدرة الغابون على تحقيق استقرار حقيقي يقطع مع ماضيها المضطرب.