المعلومات أو الاعتقال.. الحوثيون يبتزون موظفي الإغاثة في صنعاء
كشفت مصادر عسكرية وأمنية في صنعاء، أن مليشيات الحوثي لجأت إلى أسلوب جديد في ترهيب موظفي المنظمات الإنسانية، وذلك بمقايضة حريتهم مقابل الحصول على معلومات عن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية. ووفقًا لتصريحات المصادر في تصريحات صحفية، فإن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي قام بتجنيد عدد من الموظفين المحليين العاملين في منظمات إنسانية وحقوقية، حيث أجبرهم على التعاون معه، وخصوصاً أولئك الذين يقيمون في صنعاء.
وأفادت المصادر أن عملية التجنيد تمت تحت تهديدات مباشرة، مما دفع الكثير من الموظفين إلى القبول بالعمل لصالح جهاز المخابرات الحوثي.
وقد استغل الحوثيون "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي"، المعروف اختصاراً بـ"سكمشا"، ليصبح وسيلة لفرض عناصرهم وتدريبهم على جمع المعلومات داخل المنظمات، وتحويل موظفيها إلى أدوات استخباراتية تخدم مصالحهم.
ويبدو أن موقع صنعاء كمقر للعديد من المنظمات الإنسانية الدولية قد جعلها هدفًا رئيسياً لمليشيات الحوثي التي تعمل على تحويل موظفيها إلى عملاء يقدمون لها المعلومات حول الأنشطة التي تجري في مناطق الحكومة الشرعية. وتعرض عدد من الموظفين الذين رفضوا التعاون للاعتقال، حيث أوضحت المصادر أن 21 موظفاً محلياً تم اعتقالهم مؤخرًا بتهم تتعلق بالتخابر لصالح الحكومة الشرعية بعد رفضهم تزويد الحوثيين بالمعلومات المطلوبة.
وإضافة إلى ذلك، كشفت المصادر أن الحوثيين اعتقلوا أيضًا عدداً كبيراً من موظفي المنظمات الدولية والأممية العاملة في اليمن، ورفضوا إطلاق سراحهم، مما دفع هذه المنظمات إلى تعليق أنشطتها في المناطق الخاضعة للمليشيات احتجاجاً على تصاعد الاعتقالات. وكانت وزارة حقوق الإنسان في عدن قد أشارت في بيان إلى قيام الحوثيين بحملة اختطافات واسعة مطلع يونيو الماضي، طالت 50 موظفًا في منظمات أممية ودولية ومحلية، بينهم 4 نساء.
وقد قامت المليشيات بنشر اعترافات قسرية لموظفين أمميين وآخرين يعملون في بعثات دبلوماسية، متهمةً إياهم بأعمال تجسسية لتبرير احتجازهم، في خطوة تعكس سياسة الحوثيين في ترهيب الموظفين ومنع التحركات الأممية المطالبة بالإفراج عنهم. كما عمدت المليشيات إلى إغلاق مكتب منظمة ألمانية واقتحام مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء، قبل أن تقوم بتسليمه مجددًا ضمن سياسة الابتزاز المستمرة التي تتبعها، وذلك إثر دور المفوضية في توثيق الانتهاكات التي تقوم بها المليشيات.
في خطوة شديدة اللهجة، أصدر رؤساء برامج ومنظمات دولية وأممية بيانًا في أكتوبر الحالي، أدانوا فيه إحالة مليشيات الحوثي لعدد من موظفي المنظمات الأممية والدولية إلى نيابة أمن الدولة التابعة لها، وبينهم اثنان من منظمة اليونسكو وآخر من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الذين اعتقلوا بين عامي 2021 و2023. وأعرب المسؤولون في بيانهم عن استيائهم الشديد من هذه الخطوة التي جاءت في وقت كان الأمل كبيراً في إطلاق سراحهم، معتبرين أن توجيه اتهامات محتملة ضد المختطفين أمر غير مقبول ويزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
وحذر البيان من المخاطر الجدية على سلامة الموظفين وأسرهم، خاصةً وأن هذه الإجراءات قد تعوق عمل المنظمات الأممية والدولية وتؤثر على وصولها إلى ملايين المحتاجين في اليمن، مما يهدد سلامة هؤلاء السكان ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
وقد جدد رؤساء المنظمات دعوتهم للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية، ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى البعثات الدبلوماسية المحتجزين تعسفياً في اليمن من قبل سلطات الأمر الواقع الحوثية. كما طالبوا بوقف الاستهداف المستمر للعاملين في المجال الإنساني، بما يشمل الاحتجاز التعسفي، والتهديدات، وسوء المعاملة، والاتهامات الزائفة.