الرئيس الإيراني يحشد الجبهة الداخلية.. والحرس الثوري: لم نستخدم سوى 5% من قوتنا

في أولى تصريحاته عقب توقف العمليات العسكرية مع إسرائيل، شدد الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، على أن الحفاظ على وحدة البلاد يمثل الأولوية القصوى في هذه المرحلة الحرجة. وفي خطاب بثّه التلفزيون الرسمي، دعا الشعب الإيراني إلى الثقة في حكومته، مشيراً إلى أن ما أثبته الإيرانيون من "وحدة وتلاحم" خلال الأيام الاثني عشر من الحرب، يؤكد وقوفهم الصلب إلى جانب وطنهم، رغم حجم الخسائر وتعقيد المشهد الإقليمي.
تصريحات بزشكيان تعكس محاولة لرصّ الصفوف داخليًا واحتواء أي ارتدادات سياسية أو شعبية محتملة عقب الصراع، خاصة مع تسليط الضوء على الثمن البشري الفادح الذي دفعته طهران خلال المواجهة.
وفي السياق نفسه، أبدى رئيس أركان الجيش الإيراني شكوكًا واضحة حول ديمومة وقف إطلاق النار، محذرًا من أن الوضع قد ينفجر من جديد في أي لحظة. وأكد في حديث للصحافة المحلية أن الجيش الإيراني في حالة تأهب قصوى، ومستعد للرد فورًا على أي اعتداء من الجانب الإسرائيلي. هذه التصريحات توحي بأن الهدنة الحالية لا تزال هشة، وأن احتمالات تجدد الصراع ما تزال قائمة بقوة.
قادرون على ردع العدو
أما «الحرس الثوري الإيراني»، فجاءت تصريحاته بنبرة محسوبة ولكنها تحمل رسائل ردع واضحة. إذ صرح أحد مسؤوليه أن الحرس لم يستخدم سوى أقل من 5% من قدراته الدفاعية خلال الحرب، موضحًا أن معظم الوحدات القتالية لم تُدفع إلى ساحة المواجهة مع إسرائيل. هذه الرسالة تهدف إلى طمأنة الداخل بأن "القوة لم تُستنزف"، وفي الوقت نفسه توجيه تحذير مبطن للخصوم بأن إيران لا تزال تملك القدرة على الردع والتصعيد في حال الضرورة.
وعلى المستوى الداخلي، وفي ظل المخاوف الأمنية المستمرة، أقر البرلمان الإيراني قانونًا جديدًا يقضي بحظر تحليق الطائرات المسيرة المدنية غير المصرح بها فوق المناطق العسكرية والأمنية أو تلك المصنفة "محمية". هذه الخطوة تُقرأ كجزء من الإجراءات الوقائية لمنع أي عمليات تجسس أو اختراق أمني قد يُستغل في ظل التوترات الراهنة.
تشييع القادة العسكريين والعلماء النوويين
وفي مشهد مؤلم يعكس عمق الخسارة، شارك الآلاف من المواطنين الإيرانيين في مراسم تشييع رسمية لـ60 من القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين قُتلوا خلال الحرب. وأقيمت المراسم بعد خمسة أيام فقط من بدء سريان وقف إطلاق النار، في مشهد يهدف إلى إبراز التضحية الوطنية من جهة، وتعزيز الخطاب الرسمي حول "العدو الخارجي" من جهة أخرى.
تُظهر المرحلة الحالية في إيران خليطًا من الخطاب التعبوي، والتحذير العسكري، والتشديد الأمني، وهي سمات تشير إلى أن النظام الإيراني يدرك دقة اللحظة السياسية – إذ تتطلب تثبيتًا داخليًا وتحذيرًا خارجيًا في آن واحد. ورغم دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، فإن تصريحات القادة العسكريين والمدنيين تكشف أن المنطقة لم تخرج بعد من دائرة التصعيد، وأن حسابات الحرب لم تُغلق بعد.