في غياب طالبان.. لجنة أممية تُراجع أوضاع النساء في أفغانستان وسط تحذيرات من تفاقم الجوع

في خطوة غير اعتيادية تحمل أبعاداً قانونية وسياسية وإنسانية، أجرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) أول مراجعة شاملة لأوضاع المرأة في أفغانستان منذ استيلاء حركة "طالبان" على السلطة عام 2021، وذلك في غياب أي تمثيل من سلطات الأمر الواقع في كابول، التي لا تحظى باعتراف رسمي من الأمم المتحدة.
المراجعة، التي وصفت بأنها "غير مسبوقة"، تمت بناءً على التقرير الدوري الرابع لأفغانستان المقدم قبل سيطرة "طالبان"، وجاءت بدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وشهدت مشاركة مسؤولين أفغان سابقين وناشطات نسويات في المنفى. هذا التحول في آلية العمل الأممية، من خلال التحاور مع ممثلين غير رسميين، يشكل سابقة مهمة في منظومة هيئات المعاهدات الدولية، ويعكس مستوى الانسداد الذي فرضته "طالبان" على سبل التواصل الدولي.
تغييب مقصود ومقاومة ناعمة
غياب "طالبان" عن جلسة المراجعة لم يكن عرضياً؛ إذ تجاهلت الحركة دعوة اللجنة للمشاركة غير الرسمية، ما يعكس تمسكها بعزلة منهجية في ما يخص قضايا المرأة والحقوق الإنسانية. وفي المقابل، اعتبرت اللجنة أن هذا الغياب لا يعفيها من مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في رصد الانتهاكات والعمل على تعزيز المساءلة.
وتعليقاً على ذلك، قالت بندانا رانا، عضو لجنة "سيداو" والمشرفة على المراجعة، إن اللجنة لا تملك ترف الحياد حين تُمس كرامة النساء وحقوقهن الأساسية. وأكدت أن الاتفاقية لا تزال ملزمة قانونياً لأفغانستان رغم تغير القيادة، مضيفة أن هذا التقييم "يتجاوز السياسة" ليكرّس مبادئ العدالة والمساواة والكرامة.
في السياق ذاته، شددت رئيسة اللجنة، نهلة حيدر، على أن المراجعة أرست معياراً جديداً في مساءلة من يمسكون بزمام الحكم دون التزامهم بالشرعية الدولية. ووصفت الجلسة بأنها "تجسيد لمبدأي المساءلة والتضامن"، مناشدة المجتمع الدولي للاضطلاع بدوره في حماية الحقوق الأساسية للنساء والفتيات.
الأوضاع الإنسانية.. مزيج من الفقر والتهميش والعودة القسرية
بالتزامن مع هذه المراجعة، أطلقت منظمات أممية تحذيرات متزايدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية في أفغانستان. فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي أن واحداً من كل خمسة أفغان يعاني الجوع، مع تصاعد حاد في انعدام الأمن الغذائي خاصة في المناطق الحدودية.
وفي ظل تزايد أعداد اللاجئين العائدين قسراً من إيران وباكستان، تعاني المجتمعات المحلية والوكالات الإنسانية من ضغط هائل، وسط نقص كبير في الموارد. ويُقدّر البرنامج حاجته الفورية بـ25 مليون دولار للحفاظ على جهود الإغاثة، محذراً من أن أي تأخير في التمويل قد يُفضي إلى كارثة إنسانية أوسع.
عزلة سياسية ومجتمع ينهار
تعكس هذه التطورات المشهد المعقد في أفغانستان: عزلة سياسية دولية لـ"طالبان"، تراجع متسارع في الحقوق والحريات، واقتصاد على شفير الانهيار، حيث يعتمد 60% من السكان، بحسب الأمم المتحدة، على المساعدات الإنسانية.