مخاوف أوروبية من عودة ترامب.. حروب تجارية محتملة وتداعيات اقتصادية واسعة
تتصاعد المخاوف في أوساط محافظي البنوك المركزية الأوروبية مع احتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يتوقع العديد من الخبراء أن تتجه أوروبا نحو مواجهة حرب تجارية جديدة قد تكون تداعياتها أشد قسوة على اقتصادات القارة العجوز، وفقًا لتقرير نشرته "بلومبرغ". تأتي هذه المخاوف في وقت حساس، إذ لم تزل ذكريات حرب التعريفات الجمركية في ولاية ترامب الأولى حاضرة في أذهان الأوروبيين، خاصة بعد أن فرض حواجز تجارية هزّت العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
وتتزايد القلق بسبب خطط ترامب المعلنة بفرض رسوم جمركية ضخمة، تصل إلى 60% على الواردات الصينية و20% على باقي الدول، مما يهدد بتراجع كبير في النمو الاقتصادي، يتجاوز التأثيرات التي خلفتها الحواجز التجارية في عام 2017. ومع وصول الاقتصادات الأوروبية إلى وضع أكثر هشاشة بعد جائحة كورونا، تصبح هذه التدابير أكثر خطورة.
تواجه أوروبا تحديات اقتصادية كبيرة في الوقت الحالي، أبرزها انكماش متوقع في الاقتصاد الألماني للعام الثاني على التوالي، وقرارات فرنسية لخفض العجز العام التي قد تؤدي إلى تراجع في الناتج الاقتصادي. كما أن التوسع المتباطئ في المملكة المتحدة يدفع المستثمرين للتوجه نحو سياسات نقدية أكثر تيسيرًا.
في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، تبدو احتمالات فوز ترامب مجددًا بمثابة كابوس بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، التي قد تشهد تباطؤًا في الاستثمارات وتأجيل الشركات لمشاريعها بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة. الأسر أيضًا قد تتردد في الإنفاق، مما قد يعمق من الأزمة الاقتصادية.
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، أعربت عن قلقها إزاء هذه التطورات المحتملة، مشيرةً إلى أن أي تشديد للحواجز الجمركية سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي. وجاء هذا التحذير قبيل اجتماعات صندوق النقد الدولي التي عقدت في واشنطن، حيث كانت مخاوف الحروب التجارية على رأس الأجندة.
ورغم وضوح المخاطر، إلا أن رد الفعل الأوروبي على هذه التهديدات المحتملة ما يزال غير واضح. ارتفاع الديون في بعض الدول الأعضاء، مثل فرنسا وألمانيا، يقيد القدرة المالية لهذه الدول على اتخاذ تدابير كبيرة لتخفيف التأثيرات السلبية لأي حرب تجارية محتملة. كما أن هناك خلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية الاستجابة لمثل هذه التحديات.
لكن في حال اندلاع حرب تجارية جديدة تحت إدارة ترامب، قد تجد البنوك المركزية الأوروبية نفسها مرة أخرى في مواجهة الكوارث الاقتصادية، ومع أن أسعار الفائدة قد ارتفعت من مستوياتها المنخفضة في السنوات الماضية، إلا أن تلك البنوك قد تضطر للرد بقوة أكبر لحماية الاقتصادات الأوروبية من تداعيات التوترات التجارية.