كواليس المطاردة.. كشف أسرار دور وكالة الأمن القومي في القبض على بن لادن
للمرة الأولى منذ مقتله، كشفت وكالة الأمن القومي الأمريكية، المعروفة بسريتها المفرطة، عن تفاصيل دقيقة لدورها في مطاردة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. كانت الوكالة تُعرف سابقاً بـ"الوكالة التي لا وجود لها"، إذ أحاطت نفسها بقدر كبير من السرية حتى أن مجمعها لم يكن يحمل لافتة على بواباته، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.
لكن الوكالة، التي عرفت بحذرها البالغ، خرجت أخيراً من الظل، وطرحت بودكاست جديد يكشف معلومات كانت ذات يوم حساسة للغاية، ولم يُعلن عنها سوى على الورق.
في مقابلات حصرية مع صحيفة واشنطن بوست، أفصح ضباط سابقون في وكالة الأمن القومي لأول مرة عن تفاصيل دورهم في تعقب أسامة بن لادن. وكشفت الوكالة في البودكاست أنها كانت مسؤولة عن اعتراض المكالمات التي قادت إلى تحديد هوية أحد مساعدي بن لادن، والذي مكن وكالة المخابرات المركزية من تحديد موقعه في باكستان وقتله.
وأوضح جون داربي، المسؤول المتقاعد من وكالة الأمن القومي، الذي تم تكليفه بعد أحداث 11 سبتمبر باستكشاف طرق جديدة لتعقب اتصالات تنظيم القاعدة، قائلاً: "لقد حان الوقت لكي تنسب وكالة الأمن القومي بعض الفضل لنفسها"، حسبما نقلت واشنطن بوست.
كانت وكالة الأمن القومي مسؤولة عن اعتراض وتحليل المكالمات التي أدت إلى تحديد هوية الشريك الرئيس لبن لادن، مما ساعد في نهاية المطاف وكالة الاستخبارات المركزية في تحديد موقع المجمع الذي كان يختبئ فيه.
وتركز بودكاست وكالة الأمن القومي على شرح دور استخبارات الإشارات (SIGINT) في الحفاظ على أمن الأمريكيين وحلفائهم. فقد استغرق الأمر عامين من التنصت والتحليل من قبل الوكالة لتحديد هوية إبراهيم أحمد سعيد، رسول بن لادن، إذ قامت الوكالة بفحص نصوص المكالمات وتتبع شركاء أجانب، واستعانت بخبراء لغويين يتقنون العربية والبشتو.
وقال المحلل إن أحمد سعيد كان يفتح هاتفه بشكل متقطع، خاصة في المناطق الحضرية المزدحمة أو على الطرق السريعة في شمال غرب باكستان، ولم يكن يظهر رغبة في الحديث عن نفسه أو دعوة أي قريب لزيارته، حتى خلال الأعياد الكبرى، مما أثار شكوك المحللين.
وأجرت وكالة الأمن القومي مقارنة بين مقاطع صوتية لأبو أحمد الكويتي والمكالمات التي تم اعتراضها لأحمد سعيد، وتوصلت إلى أن الاثنين كانا في أفغانستان في نفس الوقت قبل أحداث 11 سبتمبر.
في أواخر عام 2009، اقتنعت الوكالة بأن إبراهيم أحمد سعيد كان مرتبطاً ببن لادن كرسول له، وبدأت في تعقب هاتفه بالتنسيق مع وكالة المخابرات المركزية، مما مكنها من تحديد موقعه وتأكيد ارتباطه بتنظيم القاعدة.
وفي أغسطس، باستخدام بيانات إشارات الخلايا، تمكنت وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية من تحديد مجمع مميز بجدرانه البالغ ارتفاعها 18 قدماً. وتمكن عميل من وكالة الاستخبارات المركزية، الذي كان يعمل على إشارات وكالة الأمن القومي، من تتبع الكويتي أثناء قيادته من بيشاور إلى المجمع.
وفي ليلة مقتل أسامة بن لادن في عام 2011، كان جون داربي يعمل في مركز القيادة في فورت ميد كأحد مسؤولي مكافحة الإرهاب في الوكالة. وقال داربي في البودكاست إنه عمل حتى الليلة التالية، وكان يشعر بالرضا عن نجاح الوكالة في الوصول إلى بن لادن وقتله.
يُذكر أن هجمات 11 سبتمبر 2001 أسفرت عن استيلاء انتحاريين على أربع طائرات وتحطيمها، مما أدى إلى مقتل 2977 شخصاً، بخلاف الانتحاريين البالغ عددهم 19. وبعد أقل من شهر من الهجمات، قاد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش عملية غزو أفغانستان للقضاء على تنظيم "القاعدة".