السودان تحت وطأة الأوبئة.. مواجهة التحديات الصحية وسط أزمات النزاع
تشهد السودان منذ عدة أشهر انتشاراً لعدد من الأوبئة الخطيرة، أبرزها الكوليرا والتهاب ملتحمة العين والتهاب الجلد البكتيري "الجرب"، فضلاً عن الأمراض المستوطنة مثل الحميات النزفية والدرن والتهاب الكبد، بالإضافة إلى أمراض الأطفال مثل شلل الأطفال والحصبة.
وفي سياق متصل، يواجه السودان تهديداً من متحور جديد لجدري القرود، بالرغم من عدم وجود معلومات مؤكدة عن ظهور حالات داخل البلاد حتى الآن، في ظل خروج عشر ولايات عن نطاق الرصد والتقصي الوبائي كلياً وجزئياً.
تواجه جهود الرصد والتقصي للوبائيات تحديات كبيرة نتيجة استمرار النزاع المسلح، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على عشر ولايات كلياً وجزئياً، ما يعوق قدرة السلطات الصحية على الوصول والتقصي.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن الترصد الوبائي يعتبر أمراً حيوياً لرصد الأنماط والاتجاهات المستجدة للأمراض، مما يعزز القدرة على الوقاية منها ومكافحتها. وقد أشار وزير الصحة، الدكتور هيثم محمد إبراهيم، إلى أن تزايد حالات شلل الأطفال يعود إلى تراجع حملات التطعيم في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. وفي أغسطس الماضي، أجرت وزارة الصحة الاتحادية حملات تطعيم ضد شلل الأطفال في خمس ولايات، ومن المقرر إجراء حملات أخرى في النيل الأبيض والنيل الأزرق، رغم الصعوبات في توصيل اللقاحات إلى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
تشير التقارير إلى أن وزارات الصحة في ولايات دارفور تعاني من نقص التواصل مع الوزارة الاتحادية، مما يعرقل تنسيق الجهود لمكافحة الأمراض والأوبئة. وقد تضرر القطاع الصحي في الإقليم بشكل كبير جراء النزاع المستمر، مما أدى إلى تدهور الخدمات الصحية.
في تصريحات لـ"راديو دبنقا"، أوضح مدير عام وزارة الصحة بوسط دارفور، محمد الأمين زرق الله، أن الوزارة بدأت من الصفر بعد حرب 15 أبريل، واعتمدت على آليات تقليدية بسبب انهيار البنية التحتية وفقدان الكادر الصحي. وأضاف أن التنسيق مع الوزارة الاتحادية ضعيف، مما أثر سلباً على تمويل الأنشطة الصحية في الولاية.
من جانب آخر، أفاد مدير عام وزارة الصحة بغرب دارفور، دكتور عبد السلام مصطفى صالح، بأن الوزارة الاتحادية لم تطلب منهم تقارير عن الوضع الصحي، لكنه أبدى استعدادهم لتقديم أي معلومات مطلوبة. وأشار إلى أن الوضع الصحي في الولاية قد تحسن بشكل جزئي، لكنه لا يزال يعاني من نقص حاد في الموارد.
وفي خضم هذه الأزمة، حث وزير الصحة الاتحادي المنظمات على العمل عبر القنوات الرسمية لتجنب إنشاء أنظمة صحية موازية، والتي قد تزيد من تعقيد الوضع. وأكد أن الحكومة تسعى لتأمين وصول المساعدات عبر الطرق الرسمية لتلبية احتياجات المناطق المتضررة.
في ظل هذه الظروف الصعبة، تواصل وزارة الصحة الاتحادية استخدام نظام الترصد والإنذار المبكر للحصول على التقارير من الولايات، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.