اغتيال البيدجا.. إشعال فتيل الصراع في طرابلس وتفجر الأزمات
أثارت حادثة اغتيال عبدالرحمن ميلاد، المعروف بـ"البيدجا"، الذي يعتبر من أبرز قيادات المليشيات وأكبر ممولي تنظيم داعش الإرهابي في غرب ليبيا، تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة تشكل جزءًا من استراتيجية أوسع لتصفية قادة المليشيات الذين يمثلون خطورة شديدة، في محاولة لاحتواء الانفلات الأمني المحتمل.
ويشغل البيدجا، الذي يقود مليشيات تتخذ اسمه، منصبًا بارزًا في شبكة التهريب والإجرام. وهو مدرج على قوائم المطلوبين والعقوبات لدى المحكمة الجنائية الدولية والاتحاد الأوروبي، بسبب تورطه في الاتجار بالبشر والتعاون مع المافيات الدولية، خاصة الأوروبية، بالإضافة إلى دوره في نشر الفوضى لتعزيز نفوذه وجمع الثروات.
الاغتيال، الذي وقع مساء الأحد، تم بواسطة مسلحين أطلقوا النار على سيارة البيدجا بالقرب من مقر مليشياته في طرابلس. وتأتي هذه العملية في وقت تشهد فيه العاصمة توترات شديدة وتوقعات باندلاع صراعات بين المليشيات انتقامًا لمقتل البيدجا، نظرًا لمكانته الكبيرة بين القيادات العسكرية في المدينة.
وتشهد طرابلس في الوقت الحالي حالة من التحشيد العسكري بين المليشيات المتباينة الولاءات السياسية والإثنية، والتي تستغل أزمة إقالة محافظ المصرف المركزي الممتدة منذ أغسطس/آب، مما أثار تحذيرات من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ودبلوماسيين غربيين بشأن تأثير ذلك على استقرار البلاد.
في ختام حياته، قُتل البيدجا على يد مسلحين في منطقة صياد بجنزور، قرب الأكاديمية البحرية التي يتخذها مقرًا له. لم تعلن أي جهة أو مليشيات بعد مسؤوليتها عن العملية، مما يضيف إلى الغموض المحيط بملابسات مقتله.
رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، طالب النائب العام بالكشف عن المتورطين في قتل البيدجا، مشيدًا بجهوده في إعادة تشغيل الأكاديمية البحرية بعد توقف دام 14 عامًا.
سجل البيدجا في تقرير للأمم المتحدة عام 2017 كـ"مهرب بشر" وقائد منظمة إجرامية، بينما أدرج في تقرير مجلس الأمن لعام 2018 كزعيم أخطر عصابة تهريب بشر في ليبيا. وفي يونيو 2018، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه بسبب تهديده للسلام في ليبيا.
في 14 أكتوبر 2020، أُلقي القبض على البيدجا بفضل إشعار من الإنتربول وأمر من النائب العام، ولكن تم الإفراج عنه بعد تهديدات من مليشياته.
ورغم كونه مطلوبًا دوليًا، شارك البيدجا في فعاليات عسكرية كبيرة تحت إشراف الحكومة في طرابلس، وشارك في الحرب ضد الجيش الليبي في عام 2019. كما قادت مليشياته واحدة من أخطر المناطق، الأكاديمية البحرية، التي تُستخدم لتدريب عناصره.
البيدجا لم يقتصر نشاطه على تهريب البشر فقط، بل اتهم أيضًا بتمويل الإرهاب من خلال مراكب الهجرة غير الشرعية، وتسهيل انتقال عناصر التنظيمات المتطرفة بين المهاجرين. كما كان له دور في عدة عمليات إجرامية أبرزها الهجوم على مدينة صبراتة وتدميرها، وحملة اقتحام السجون لتحرير عناصر تنظيم داعش في صرمان وصبراتة عام 2020.
الاغتيال الأخير يثير تساؤلات بشأن المستقبل الأمني في طرابلس، واحتمالية تفاقم الصراعات بين المليشيات في ظل الأزمات المتلاحقة في البلاد.