اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

رئيس التحرير يكتب: ضربة نفسية وليست عسكرية

ما حدث بالامس من هجوم ايراني بالمسيرات والصواريخ على اسرائيل، لا يمكن ان يحسب في عداد الضربات العسكرية، ولكنه كان مجرد ضربة نفسية بهدف اثارة الرعب والفزع لدى الاسرائيليين.

ما حدث كان متفقا عليه بين كل الاطراف، وليس امرا مفاجئا، وتحرك المسيرات الايرانية من ايران الى اسرائيل كان ايضا متفقا عليه، وكان بعلم الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوروبي، وايضا بعلم اسرائيل ذاتها.
فرغم ان العالم حبس انفاسه لعدة دقائق محدودة وهو يتابع عبر شاشات الفضائيات تحرك المسيرات الايرانية في اتجاه اسرائيل، الا ان العالم كله سرعان ما تنفس الصعداء وعلم ان ما حدث هو مجرد ضربة نفسية بهدف اثارة الرعب والفزع في نفوس الاسرائيليين، وليس ضربة عسكرية.
والدليل ان الخبراء العسكريين لم يجدوا اي تفسيرات او تحليلات يتحدثون بها او يتحدثون عنها، ولكن ظهر في المشهد الخبراء النفسيون لكي يتحدثوا عن الضربة الايرانية النفسية، وليست الضربة العسكرية. وحتى هذه اللحظة وبعد ساعات من بدء الضربة النفسية، لم يصدر اي بيان من ايران او حتى من اسرائيل عن تحقيق اي اهداف عسكرية لهذه الضربة، او اصابة اي اهداف عسكرية اسرائيلية، ولكن كل ما حدث هو اطلاق صفارات الانذار في مدن اسرائيل، وايضا لجوء مواطني اسرائيل الى الملاجئ والمخابئ خوفا من هذه الضربة النفسية.
وحقيقه القول ان ما حدث يدخل في نطاق الحرب النفسية، وان ايران ارادت ان تبعث برسالة فقط الى اسرائيل مفادها "اننا قادرون ليس على المواجهة العسكرية، ولكن قادرون على المواجهة النفسية فقط لا غير"، فهذه اول مواجهة مباشرة بين ايران واسرائيل تدخل في عداد المواجهات النفسية، وليس المواجهات العسكرية لان القوى العظمى، وخاصة الولايات المتحده الامريكية، لن تقبل اي مواجهة عسكريه في هذا التوقيت لاسباب عديدة، سواء على المستوى الاقليمي او الدولي.
فاسرائيل، اهتزت نفسيا ولم تهتز عسكريا بسبب المسيرات الايرانية التي تحركت لآلاف الكيلومترات صوب اسرائيل، وعلمت اسرائيل بموعد تحركها وموعد وصولها الى الاجواء الاسرائيلية، وهكذا انتهت الضربة النفسية، وليست الضربة العسكرية.
ورغم ذلك، يظل التحرك الإيراني الإيجابي، حتى لو كان نفسيا، مهما ليذكر اسرائيل ومعاونيها أن هناك طرفا قادرا على الرد في وقت يلتزم فيه الكل بضبط النفس أمام العدو الصهيوني الذي يهادنه الجميع، إلا من رحم ربي، مراعاة لمشاعر الشيطان الأكبر، أمريكا ومن ورائها من داعمي الإبن المدلل الذي زرعوه في قلب الأمة العربية لأسباب واضحة جلية، وتأكيد هؤلاء على أنه "لو لم تكن هناك إسرائيل لاخترعوها"، وهو قول يلخص المسألة ويبرهن على مدى أهميتها لديهم كزرع شيطاني مهمته الأولى الترهيب وخلق الفتن وتحقيق أهداف السياسة الغربية بالضغط على دول المنطقة من أجل استمرار القلق والفزع بما يدفعها إلى محاولة الاحتماء بالغرب المسيطر الذي لا يسعى إلا إلى استزاف ثروات المنطقة العربية سواء عن طريق الاقتصاد أو شراء السلاح بالمليارات كل عام بما يملأ الخزائن التي لم تكن لتملأ إلا من جيوب الدول العربية كي تحصل على أمنها واستقرارها بالتطبيع مع الكيان الصهيوني الذي نصب نفسه "بوابة إلى العبور إلى قلب الغرب مجتمعا."
ويكفي الضربة النفسية الإيرانية فخرا أنها دفعت الاسرائيليين الى الشوارع والملاجئ المحصنة بحثا عن الأمان، الذي لن ينعموا به يوما طالما استمرت سياسة دولتهم المغتصبة وما ترتكبه من جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينين في تحد صارخ لكل الأعراف والمواثيق الإنسانية والقانونية.
وهنا نستدعي القول المأثور "ما لا يُدرك كله، لا يُترك جُله"، علنا نصل يوما إلى "الإدراك كاملا" مهما طالت السنون.

بقلم/ محمود نفادي