تيار MAGA في مفترق طرق.. هل تخوض أميركا حرب إيران لحماية مصالحها أم دفاعًا عن إسرائيل؟

في خطوة فجّرت عاصفة من الجدل داخل أوساط التيار اليميني الشعبوي في الولايات المتحدة، جاء قرار الرئيس دونالد ترامب بشن ضربات عسكرية على إيران ليكشف عن شرخ عميق في صفوف قاعدة "أميركا أولًا" التي شكّلت حجر الأساس لصعوده السياسي. فقد بدت الضربة العسكرية، في نظر كثيرين من أنصاره، خروجًا عن تعهداته السابقة بإنهاء الحروب الخارجية، وتحديدًا تلك التي تُخاض خارج نطاق المصالح القومية المباشرة للولايات المتحدة.
يعتبر المراقبون أن هذا التدخل العسكري، الذي جاء في سياق تصعيد إسرائيلي إيراني، لم يكن مجرد قرار تكتيكي، بل لحظة مفصلية أعادت صياغة العلاقة بين الرئيس الشعبوي وقاعدته. ستيف بانون، العقل المدبر وراء حملة ترامب الأولى، عبّر عن "الصدمة" التي انتابت شريحة واسعة من مؤيدي ترامب، مؤكدًا أن الأغلبية الساحقة من الأميركيين، بمن فيهم أنصار MAGA، لا يريدون التورط في حروب جديدة في الشرق الأوسط.
حتى قبل تنفيذ الضربات، كانت بوادر الانقسام جلية داخل المعسكر الترامبي بين تيار "الصقور" مثل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والإعلامي مارك ليفين، الذين دفعوا باتجاه الرد القوي على إيران، وبين تيار قومي محافظ يرفض التدخلات العسكرية الخارجية، ويضم شخصيات بارزة مثل بانون، وتاكر كارلسون، وديف سميث.
تاكر كارلسون، المعلق التلفزيوني المعروف، اعتبر أن الضربات تفتقر إلى الأساس الاستخباراتي الموثوق، وشكّك في وجود أي أدلة على اقتراب إيران من إنتاج سلاح نووي. في حين ذهب ديف سميث إلى وصف ما جرى بأنه "حرب عدوانية غير قانونية" شُنت لصالح حكومة أجنبية – في إشارة واضحة إلى إسرائيل – ضد دولة لا تشكل تهديدًا وجوديًا للولايات المتحدة.
هذا الاتهام بالتخلي عن عقيدة "أميركا أولًا" لصالح أجندات خارجية مثّل لبّ الأزمة. فقد رأى كثيرون أن ترامب خضع عمليًا لضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي، وفقًا لبانون، "دخل حربًا لا يستطيع إنهاءها دون جرّ الولايات المتحدة إلى قلبها". هذا التصوّر قاد بانون إلى طرح السؤال الأبرز: "لماذا تتحمل واشنطن كلفة حرب اختارتها تل أبيب؟"
ضرب البرنامج النووي الإيراني
من جهة أخرى، حاول بعض المعلقين في اليمين المتشدد إنقاذ الموقف أو تبريره. فجاك بوسوبيك، أحد أبرز المؤثرين الإعلاميين في الدوائر القومية، أشار إلى أن ترامب لا يزال يعارض تغيير النظام في طهران، وأن الضربة كانت محصورة في البرنامج النووي الإيراني. أما تشارلي كيرك، فاختار الدفاع المطلق، واعتبر أن ترامب تصرّف بدافع إنساني، داعيًا إلى الالتفاف حول "القائد الأعلى" في أوقات الأزمات.
لكن هذه التبريرات لم تكن كافية لاحتواء الانقسام. حتى شخصيات لطالما كانت في خندق معارضة الحروب مثل مارجوري تايلور غرين بدت مرتبكة، واكتفت بدعوة عامة "للصلاة من أجل السلام"، ما عكس حالة من الحرج العميق.
في المقابل، اعتبر ماثيو بويل من موقع "برايتبارت" اليميني أن ترامب بات في موقع الدفاع عن النفس، وعليه أن يستعيد ثقة قاعدته من خلال خطوات واضحة تشرح موقفه وتعيد ضبط البوصلة نحو أجندة "أميركا أولًا".
الضربة العسكرية، إذًا، لم تكن مجرد رد فعل على تصعيد إقليمي، بل جسّدت أزمة أعمق داخل التيار الشعبوي المحافظ في أميركا. أزمة ثقة في التزام ترامب برؤيته الأصلية، وتخوّف متصاعد من تآكل الدعم الشعبي الذي أوصله إلى البيت الأبيض.
الأخطر من ذلك، أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام انزلاق تدريجي نحو عمليات عسكرية أوسع، وربما نحو محاولة غير معلنة لتغيير النظام الإيراني، بدفع من حلفاء إقليميين، على رأسهم إسرائيل. وهو ما يعيد إلى الأذهان مغامرات واشنطن السابقة في العراق وأفغانستان، والتي دفع الشعب الأميركي ثمنها باهظًا.