اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
عقب ضربة روسية.. الرئيس الأوكراني يجري تعديلات في القيادة العسكرية مؤسسة غزة الإنسانية تعين رئيسا إنجيليا دعم مقترح السيطرة على القطاع «البنتاجون» يحذِّر من إلغاء تمويل بحوث «هارفارد» لأسباب تتعلق بالأمن القومي غارات إسرائيلية تستهدف القنيطرة وريف درعا بعد إطلاق قذيفتين على الجولان جيش الاحتلال الإسرائيلي يحذر الفلسطينيين من التوجه لمراكز توزيع المساعدات في غزة في مركز توزيع المساعدات.. دولة الاحتلال تمطر الفلسطينيين بالرصاص بدلاً من الخبز ابتداء من 10 يونيو.. الطيران السورى يستأنف رحلاته الجوية إلى إسطنبول الحوثيون يستهدفون مطار بن غوريون بصاروخ بالستي ”فلسطين 2” خارجية طهران: استمرار تخصيب اليوارنيوم في إيران خطاً أحمر زلزالًا جديداً يضرب منطقة الشرق الأوسط.. مصر وتركيا وكريت اليونانية قصة أكبر هروب سجناء في تاريخ باكستان بعد وقوع زلزل اليوم محافظ البنك المركزي المصري يلتقي رئيس البنك الصناعي والتجاري الصيني

بين التقارب الإقليمي والضغط النووي.. زيارة عراقجي إلى القاهرة تكشف ملامح تحوّل دبلوماسي

الرئيس المصري
الرئيس المصري

في لحظة حساسة من التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في زيارة رسمية للقاهرة، تحمل أبعادًا أعمق من مجرد لقاء بروتوكولي. الزيارة، التي تأتي وسط تصعيد إقليمي نتيجة الحرب على غزة، وتوترات مستمرة حول البرنامج النووي الإيراني، تعكس تطورًا لافتًا في العلاقات المصرية-الإيرانية التي ظلت لعقود تراوح بين القطيعة والتحفظ.


بحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، فإن الزيارة تهدف إلى تعزيز التشاور السياسي وتوسيع التعاون الثنائي، وهو ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت القاهرة وطهران تستعدان لمرحلة جديدة من العلاقات، مدفوعة بالتحديات الإقليمية المشتركة، خاصة في ملف القضية الفلسطينية.


لكن الزيارة لا تتوقف عند حدود العلاقات الثنائية، إذ أنها تتقاطع مع مسار دولي متوتر بشأن الملف النووي الإيراني. فإلى جانب لقاءات عراقجي مع المسؤولين المصريين، يجتمع الوزير الإيراني أيضًا مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إيران بعد نشر تقرير للوكالة ينتقد ما وصفه بـ"أنشطة نووية غير معلنة".


هذا التقرير يأتي قبيل اجتماع حاسم لمجلس محافظي الوكالة في 9 يونيو، ما يضع إيران في زاوية حرجة دوليًا، ويزيد من تعقيد المفاوضات النووية المتعثرة مع الولايات المتحدة، والتي دخلت مرحلة جديدة من التصعيد السياسي والدبلوماسي.

مضمون الخلاف النووي

التوتر الإيراني-الأميركي وصل إلى نقطة الغليان مع تسريب وثيقة "مقترح أميركي مكتوب" نقلها وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إلى طهران. الوثيقة تدعو إلى وقف إيران لجميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، مقابل إنشاء تحالف إقليمي يتولى التخصيب للأغراض المدنية تحت رقابة دولية.


لكن هذا المقترح، الذي وصفه الإيرانيون بأنه "مسيس ومرفوض"، اصطدم بما يسميه المسؤولون الإيرانيون "الخطوط الحمراء" لطهران، وعلى رأسها الحق في تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية، وضرورة رفع العقوبات الاقتصادية "الجائرة" كما تراها إيران.


وفي مؤتمر صحفي عقد الاثنين، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن إيران لم ترَ بعد أي تغير حقيقي في موقف واشنطن، مشددًا على أن الرد الإيراني سيعتمد على حماية مصالح البلاد وكرامة شعبها.

السياق الإقليمي للزيارة

زيارة عراقجي للقاهرة تأتي في وقت تعيد فيه الحرب الإسرائيلية على غزة صياغة التحالفات والاصطفافات. فبينما تسعى القاهرة لاستعادة دورها التقليدي كوسيط إقليمي موثوق، تبحث طهران عن قنوات اتصال عربية جديدة تُخفف من عزلتها الدولية وتمنحها غطاءً سياسيًا في ظل احتدام الضغوط الغربية.
من هنا، يبدو أن اللقاء مع الرئيس المصري لم يكن فقط فرصة لمناقشة الملف الفلسطيني، بل أيضًا نافذة إيرانية لاختبار إمكانية دعم عربي – ولو غير مباشر – في ملفها النووي، أو على الأقل تحييد بعض الأطراف الإقليمية من الانحياز الكامل للموقف الأميركي أو الإسرائيلي.

تحوّل أم مناورة؟

السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل زيارة وزير الخارجية الإيراني للقاهرة تمثل بداية تحول استراتيجي في العلاقات المصرية-الإيرانية، أم أنها مجرد مناورة تكتيكية في لحظة حرجة؟
السوابق التاريخية تجعل من الصعب الرهان على تغيير جذري سريع، لكن تكثيف الزيارات رفيعة المستوى منذ 2023، بدءًا من زيارة الرئيس الإيراني لمصر، وصولًا إلى هذه الزيارة، يشير إلى إرادة متبادلة لتجاوز إرث القطيعة، خاصة في ظل اشتداد الحاجة إلى تنسيق إقليمي لمواجهة تحديات متراكبة: الحرب في غزة، تصاعد النفوذ الإسرائيلي، الانهيار الإنساني في الضفة، والشلل العربي في الملف النووي.


الزيارة إذًا لا يمكن قراءتها بمعزل عن مشهد إقليمي ودولي بالغ التعقيد. هي رسالة رمزية وسياسية في آنٍ معًا: القاهرة تشير إلى استعداد للعب دور أكثر انفتاحًا في الوساطات الإقليمية، وطهران تسعى لإظهار قدرتها على كسر العزلة والحوار مع العواصم العربية الكبرى، رغم استمرار تحدياتها مع الغرب.


الأسابيع القادمة، خاصة بعد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ستكون اختبارًا حاسمًا لجدية جميع الأطراف، وستكشف ما إذا كانت هذه الزيارة خطوة نحو "تقارب استراتيجي"، أم مجرد مشهد عابر في مسرح طويل من الشكوك والمناورات.